من لثغة الطين في البشارة
حتى - قبر قاسم

يوسف حسن
(البحرين)

بدءا بصرخة الوليد في البشارة، ولثغة الطفل المحتقن بالقلق الإبداعي الطفل وبالبراءة الجارحة والهواجس والخوف من المجهول مرورا بمخاضات وإسقاطات الأخضر المتضامن بالسواد المهيب والمطهمة بالأحلام الكبيرة الباهظة، تلك التي تنوء بثقلها الأجسام والقلوب على حد سواء كتعبير المتنبي: "وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرامها الأجسام ". هكذا تتجلى مؤشرات المسيرة الإبداعية لقاسم حداد في توالياتها ومحطاتها اللامتناهية.. فمن الشظايا.. الى الشواظ العام الحارق بهزائمه وآلامه وأحزانه حتى الهم الإنساني الأعم والأكثر تزيفآ وإيلامآ.. من كتابه الغناء والإنشاد والتوصيل الى تقطير الروح والمكابدة والتشكيل الى مرايا الصفاء.. والكثرة والتعدد وحتى التواد بالصخرة السيزيفية الأسطورية (في) (قبر قاسم)
تأتي هذه الحفاوة وهذا التكريم بمنح الشاعر قاسم حداد جائزة العويس الأدبية في مجال الشعر لا كتتويج لإنجازات قاسم الأدبية فحسب بل جاءت لتلقي بأنوارها الكاشفة على الحركة الأدبية في البحرين وما أسست له وإثارة أواره هذه الحركة من تراكمات إبداعية نوعية متعددة الجوانب والحقول سواء على مستوى الساحة الأدبية في البحرين أو على مستوى دول الخليج أو العالم العربي. الأمر الذي يجعل من هذه الالتفافة التكريمية الرائدة، ايذانآ بتدشين مرحلة أدبية يكشف فيها النقاب عن الكثير من رموز هذه المرحلة وحملة ألويتها على مدى أكثر من خمسة وسبعين عاما.. أن تكريم قاسم حداد كرمز إبداعي سامق، يركز بالأضواء الكاشفة على رواد آخرين برزوا في الساحة الأدبية وكان لهم قصب السبق في ترسيخ بنائها وإعلاء مداميكا وأشير هنا على سبيل المثال لا الحصر الى د. محمد جابر الأنصاري، والكاتب الروائي المبدع عبد الله علي خليفة، والروائي محمد عبد الملك والشاعر الناقد د. علوي الهاشمي والناقد د. إبراهيم عبد الله غلوم وآخرين ربما اتسع زمن ما بعد الجائزة للتنويه بإنجازاتهم وإضافاتهم ومكابد اتهم. ثمة صورة شعرية بالغة الفنية والجمال ما فتئت ترف بأطيافها وأنا اكتب هذه الكلمات.
".. لا أزرق العينين يحي رمله الفضي لا نخل يطبطب فوق كتفك لا خيول.. " لك يا قاسم هذا التكريم الخليجي العربي ممثلا بالجائزة.. ولك حب البحرين وشعبها الحبيب الطيب ممثلا بتلك الحفاوة الكريمة من سمو الأمير القائد. غبر أن صورة (ازرق العينين) ستبقى كما هي.. سواء قبل التكريم أو ما بعد التكريم لأنها وببساطة متناهية (فنية وجميلة).

جريدة (أخبار الخليج) -البحرين