يلهو بك، تصير مليكاً له،
وسطوته عليك
1
شهوة النص الجديد هيأت العديد من تجارب الشباب لأن تفتح أعماقها للكنز
المكبوت، فممارسة الفن بجرأة المخيلة سوف تأخذ الكاتب لجرأة الرؤيا،
وحرية البوح.
2
في ضوء التصنيف النوعي للأدب،
كيف نستطيع تصنيف ما كتبه جورج باتاي والتوحيدي و النفري و لقمان ديركي.؟!
3
الشعر هو الفن الأدبي الوحيد الذي يمكن أن يطمئن العرب لكونه شكل
التعبير العربي في سياق ثقافتهم، فليس من اليقين أن فنون المسرح والرواية
والقصة القصيرة هي ذات جذر عربي يخلو من الشك، دليلنا على ذلك أن النقاد
العرب لم يتوقفوا، طوال العصور التي أدركناها، عن طرح الدرس لإثبات
عرق العرب في أرومة هذه الفنون، دون أن يخالجهم شكٌ في أمر الشعر.
إذن، أمام تجربة النص عليهم أن يطمئنوا... تقريبا.
4
ثمة فرق بين تعدد المعنى في شعرية النص، وتعدده في نثريته. في النثرية
يمكن أن يصدر النص إلى معنى رئيسي واضح منذ اللحظة الأولى، ومن ثم
للناقد والقارئ أن يربطا المعنى (الأول) بمعان مختلفة. في شعرية النص،
تنفجر شهوة التأويل منذ اللحظة الأولى، ولا تتوقف.
5
قيل له : وما النص الذي لم يزل يأخذ لبّـك حتى أفناك؟
قال : ليتني نلتُ الخيطَ الهَمَـلَ من ردائه،
لكنتُ بجّـلته بما يشبه هذا التضرّع.
6
النص،
هو أن لا تقدر الخلاص منه، مثل قلبك في العشق،
أن لا تعرف حدوداً بين من يقول وكيف يقوله، مثل الأيمان في الصلاة.
أنك تحلم في حلمك بأحلام أجمل، فلا تخرج من النوم وحيدا.
أن يجن جنونك في حضرة العقل، فيصابون بالخبل من حولك.
7
أكتب نصّـك فحسب، ودع الباقي عليه،
يأخذك إلى تهلكةٍ تتمرغ في حرياتها،
وتكاد تخلع الزرقة من سمائها وتشعلها في البياض الذي يفيض فيك،
مثل شهوة في جسد.
8
ما إن تصل إلى نهايةٍ حتى تشعر أنك بالكاد تبدأ،
وليس أمامك غير طريق واحدة : القراءة والتأويل،
بعيداً عن المعنى،
على مقربة من الجنة.
9
)ليس شعراً، ليس نثراً. انه قرآن (.
هكذا اقترح عليك الدكتور طه حسين المتعة بكتابة لا توصف.
فحل عليه الموت، وعلينا الأمانة.
10
فيما هو يخرج عن طوق الشكل وطريقة المعنى،
يفتح تخوماً يكتشفها للمرة الأولى،
ويكشفها للمرة الأخيرة،
ففي المرة القادمة لن يكون هذا كافياً ولا جديراً.
11
البريق الذي يخطفك لجسده،
ليس صقيل الرخام، ليست حديقة المرايا، لكنه خلاعة الماء.
الماء الذي يحزم الجسد، ويعطي الطبيعة أن تغرر بكل من يجهل العوم،
لكي يقذف بروحه في لجـّة اللازورد.
12
أنه يخلع عنك أدران المعنى وقشرة الشكل،
يخلع عليك الأفق، يخلعك مما أنت ضحيته،
لتتحرر مما أنت له، مما هو لك، لتصير إلى ما هو أنت.
13
آه، انه هو، هو،
يلهو بك، تصير مليكاً له، وسطوته عليك.
|