(1)
المحكوم بالإعدام، يعدل ياقة قميصه الأزرق، في طريقه إلى الموت. و
يفتر ثغره عن ابتسامة وهو يجسّ الزرقة الكثيفة تنعش جسد يرتعش. ثم
يتمتم : هذا لون لا يصلح لمناسبة كهذه، فهو يشي بتفائل عاقر.
(2)
للمدينة نحيب ينفجر في منتصف كل ليل.
فتفزع الأرواح شاردة من البشر و الحجر باحثة عن مكان آمن.
ليست المدينة مكان آمن للموت.
في المدينة مكان ضارب في الحمرة
حمرة تزعم أنها زرقة تشيّع الذاهبين إلى الموت.
ثمة علاقة فاتنة بين حمرة الخجل التي لا يعرفها طغاة المدينة
وزرقة القلب مصقولة بنحيب ليلي يؤنس وحشة ذاهب إلى الموت.
(3)
يتدرب المذعورون على الخوف
فتطمئن قلوبهم لحفيف خفيف يشبه الحبل وهو يحز الأعضاء.
اعتبر المذعورون أن في ذلك من الحكمة ما يجعل المدينة
أكثر رأفة من قبر فاغر أشداقه مستقبلاً كتيبة القمصان الزرق.
(4)
ثمة شخص يصقل بزته العسكرية ببواقي المعارك التي خسرها.
ثمة نفس الشخص يعد بمزيد من المعارك المخسورة،
لئلا تبهت بزته وتفقد مجد القتل.
(5)
جنون يسوّر المدينة لكونها تدرك موتها الوشيك.
المدينة التي أمضت عمرها الطويل تعلن على الملأ أنها المدينة العاقلة.
كيف تنقذ مدينة مصدومة بالحقيقة الوحيدة
أنها مجبولة من الجنون، وأنها على شفير هلاك بفضل الحكماء من أهلها،
أولئك الذين سهروا يطحنون عقل الحكم حتى فرط.
(6)
سوف يتذكر المستقبل أن بشراً بالغوا في الحلم لكي يطلع عليهم نهار
واحد صريح وحر وكريم وغير مذعور.
وسوف يتذكر المستقبل أيضاً أن من بين هؤلاء رهط بذلوا العمر لئلا ينال
العطب الروح من داخلها، وقد فعلوا ذلك بلا شمس ومن غير أمل.
وسوف يتذكر المستقبل خصوصاً أن النوم الكثيف الذي كان ملجأ الجائع
والجاهل، كان ليلاً رؤفاً زاخراً بالأحلام التي تستعصي على الحصر والحصار.
(7)
قالت الشمسُ لي ضمّني
واسقني ماء زنديك
وأعبر بيَ المستحيل الأخير الذي صاغني.
قالت الشمس ،
و ارتجّ بي أنني
لم أكن قبل يومين إلا سديم الأغاني
ولم أفتح الباب كي ترتمي في فراشي شموس
ولا ينتهي في كتابي سوى النوم
قالت الشمس لي
و انتمتْ للهزيع الأخير من الأرض
حيث المدائن مذعورة سوف تركض
نحو النهار الوحيد الذي جاءني.
قالت الشمسُ لي
فانتهيتُ إلى ترجمان المعاجم
وهو الذي راقني أول النص
وهو الذي ترجم الليل لي
بالقليل من الماء
وهو الذي خانني.
قالت الشمسُ لي
ضمّني عند زندين كانا يهزّان لي هودجاً
كلما ضاقت الأرض بي. @@@
|