(1)
ليس أمام المرء, وهو ينظر إلى كارثة وشيكة, غير التشبث بموهبة العاجز
عن :المعجزات
يضع حواسه كاملة على أمل مفقود ويتوقع أن يموت سريعا . ينتابني هذا
الشعور بعمق مفزع منذ فترة طويلة. لكن هذه الأيام خصوصا أصبح هذا الشعور
قنديلا معتما يقودني إلى هاوية الجميع. من الذي يريد الحرب الوشيكة
غير الطغاة الكبار و أمثالهم بيننا من الطغاة المتوسطين والصغار. والصلوات
العظيمة التي يتهدج بها الكثيرون من أجل تفادي هذه الحرب تكاد تبدو
مثل بصيص نور في عاصفة .من السواد الكثيف
(2)
لا نزال (منذ الحرب الأخيرة) نتخبط في اثار شريرة على غير صعيد. وظني
أن الحرب الوشيكة ( إذا وقعت ) من شأنها ( إضافة إلى آثارها المادية)
سوف تقضي على الرمق الباقي من إحتمالنا البشري في مواجهة مسؤولية الحياة
و ما دمن قد ابتلينا بقادة لا يكترثون بالبشر الذين وقعوا بمحظ المصادفات
الخرافية تحت حكمهم، من حظنا التعس أن نحرم حتى من حرية اختيار طريقة
الموت التي نحب. ولا أظن أن أحدا يرغب في موت عبثي في حرب عبثية بأسلحة
أكثر عبثا ووحشية. وفي عالم لا تنال فيه حق حرية الموت على هواك, فليس
جديرا أن نحسب أنفسنا من البشر. فلدينا قادة يحسنون التفنن في حرماننا
من أبسط الحقوق, فكيف .بحق الموت الحر
(3)
لا ينبغي التقليل من خطورة ما يحدث لنا في السنوات العشر الأخيرة،
ومن يبسط الأمر بجعله مجرد صلافة قائد هنا وغباء قائد هناك وتخلف قائد
هنالك, فإنما هو يدفعنا إلى تبسيط يبالغ في احتقارنا ، كما تحاول بعض
المنظورات الغربية أن .تصور الأمر
مهندسو الكارثة الوشيكة ليسوا سوى الأدوات الظاهرة للمشهد الذي نذهب
ضحيته.إننا الضحايا الذهبية لمختبر كوني من الإستغلال لا يريد أن يتيح
لهذا الجزء من البشر أن يصدقوا للحظة أنهم كائنات إنسانية تستحجق الحياة
كما تحب وتحلم. ولدينا من الطغاة الصغار ما يكفي لتسهيل مشروعات ذلك
المختبر. لا أذهب إلى نظرية المؤامرة التي يجري الكلام عليها في السنوات
الأخيرة، فذلك يمكن إعتباره من أدوات المشهد الظاهرة فقط المسألة بالتحديد
لا تتمثل في جحيم يأتينا, ولكنها تنفضح من حقيقة أننا نذهب .إلى ذلك
الجحيم بوسائل مواصلات عربية كاملة التجهيز
(4)
في المرة الماضية, أقسم لي صديق بأن الحرب لن تقع، وكل مافي الأمر
أنهم يريدون تخويف المعتدي لكي يترك ضحيته. وضرب لي مثلا بالقرد الذي
أدخل يده في القفص وقبض على الطائر، فلا هو يقدر على إخراج قبضته بالطائر
لضيق فتحة القفص ، ولا هو يريد ترك الطائر, ولم يكن الخيار أمام من
الآخرين سوى قطع اليد, وإنه سوف يخرج يده فارغة تحت ضغط التخويف. وما
حدث هو أن القرد لم يترك الطائر، مما أدى إلى إضطرارهم إلى قطع يده
بشكل صارم. الآن ، يتضح لنا أن القرد لا يزال يمسك في قبضته بطيور
كثيرة دون أن يدخل يده في أي قفص (من أقفاصنا). فبالرغم من سنوات التفتيش
الطويلة لا يزال ثمة يقين بأن أسلحة في قبضته يمنكها أن تأتي إلينا
ونحن في الأقفاص. ويتحتم عليهم أن يذهبوا إليه لتفتيت القبضة هناك,
وإلا فسوف نكون هدفا مرشحا لتلك الأسلحة. المشكلة أن من يحاول إقناع
الطاغية بحجة .الرأفة بشعبه يقعون في المبالغات . كمن يريد إقناع الضبع
بالسلخ
لا أحد يحب الحرب ولا أحد يقوى على (إقناعنا) بأنها لن تقع، ولا أحد
يقدر على إقناعه بالتخلي عنها وهو بدوره لا يعترف بأن ثمة أسلحة لديه
يمكن أن تهدد أحدا ونحن بدورنا غير قادرين على تصديق أحد من هؤلاء
جميعهم، فهم يحسنون دوما ترك الأسئلة بلا أجوبة، لكي تتاح لهم مسافة
من (المناورات)، في سبيل حماية مصالحهم وفي غمرة هذا الهيلمان لا نعرف
بالضبط أين تكمن مصلحتنا في سياق قادة يمكن أن يقدموا شعوبهم فداء
حلالآ لاستمرارهم في دست الحكم. هل ثمة من يساعدني على تفسير مشروعات
المختبر الكوني الذي يريدنا نقبل باستمرارنا ضحايا ذهبية في مهرجان
أحلام فادحة تضاهي الكوابيس
(5)
لكننا , في كل الأحوال، لا نريد الحرب. ولأننا نقصر عن الدفاع عن
هذا الحق، في وجه قادتنا وفي مجابهة حماتنا المستوردين. فسوف نضع كافة
أعضاء الحواس فينا على سطح الأرض، ونصلي لأن تذهب الحرب عنا، ولا ندهب
بنا. أعرف أن بعضهم يصلي لأن تندلع سريعا ليس من حق أحد أن يتمنى لنا
حربا ، مهما كانت أسبابه وحججه. فالفزع ليس طبيعة تساعدنا على الإقتناع
بأن الحياة جديرة بأن تعاش. وليس غير الحيوانات وهي أكثر لياقة منا
لكونها لا تدرك ما تفعل تذهب إلى المسلخ بنية الشرب
|