الطبعة الأولى - 1997
دار قرطاس للنشر - الكويت
الغلاف عبد الله يوسف
عدد الصفحات 216
نوم صغير في قصيدة طويلة
في النص الصغير الذي كتبه " هوراس" (نهاية المئة الأخيرة
قبل الميلاد) بعنوان (فن الشعر) لن تستطيع الجزم، في ضوء التخوم النقدية
الرائجة في زماننا، ما إذا كان هذا النص رسالة شخصية أو نقد أدبي أم
هو موعظة حميمة إلى أصدقاء أم هو نص أدبي يشرف على القصيدة الشعرية.
وربما جاز لكل منا أن يرى في ذلك النص تلك الاحتمالات معاً، وإذا حدث
هذا فإنه لن يزيد أو يقلل من أدبية هذا النص في الأصل. هو ضربٌ من
الكلام على الشعر بلغة الشعر. ففي النص من الحميمية ما يجعله قادراً
على مخاطبة القلب، فما أن يبادرك " هوراس" منذ الكلمة الأولى
بقوله " يا أصدقائي" حتى تشعر بأن ثمة روح خاص ينوي البوح
لك بالحميم من الأشياء، وعندما تسمع قوله الإفتتاحي عن الضحك الذي
يمكن أن يثيره رسامٌ وضع رأس آدمي على عنق جواد، فتتعرف على البساطة
والشخصية التي سوف يتسم بهما مناخ النص. فهذا شخص يطلب الحرية للشعراء
والرسامين معاً، منطلقاً من تجارب السابقين من مؤلفي الدراما والنقاد
الأغريق، وخصوصاً أرسطو في كتابه " فن الشعر " ، ذلك عندما
يتكلم " هوراس" عن الملامح المتصلة بفن الدراما. ولعلنا
نجد في الشذرات القليلة التي نختارها هنا، من مقالة " هوراس"
، أفقاً لا يزال يطال القضايا الجوهرية التي يصادفها المرء في مجال
التجارب الشعرية والمسرحية المعاصرة. ليس لأن الشعرية هي الجذر الأصيل
لفن المسرح فحسب، ولكن أيضاً لأن الكتابة الراهنة هي الآن تعمل على
التلاقي الحميم بين أشكال التعبير الأدبي في مساحة قابلة للمزيد من
الإجتهادات الإبداعية، وهي تظل أيضاً متصلة بالروح الشعري العميق الذي
لا تخلو منه الكتابة الأدبية المعاصرة في سعيها لأن تكون جديدة.