موشومون بذخيرةٍ أرخت لها الكتب، يتأبطون بهجة الأنثى المرصودة لخميرة
الوقت. يأتون من دماثة الليل ذاهبين لفضيحة الجهات. كلما وضعوا دمهم
على حجرٍ شب وبالغ في مضاهاة الكائن، لا تسعه التقاويم ولا تميل لمعدنه
الذاكرة. سلالةٌ طاغية الحضور، مضيئةٌ بالزبد والصلصال، وأكثر هيبةً
من النار .
لوقع أبصارهم رهبة الغابة وغرور الأوج. ما من موجةٍ إلا وهيأوا لراحتها
رمل الأقاصي وغرف السفر. ما من سفرٍ إلا وانتخب وحشاً يهذي. يهيمون
مثل ماءٍ مجنون. كلما انتبذوا أقداح السهرة، فزعت أنثاهم الفاتنة بذخيرتها.
يضعون أدواتهم المتعبة عند سفح الغيم، يؤثثون الكتب بأسمالٍ منسولةٍ
من سماءٍ مسقوفة بالصلاة، ينشدون مزاميرهم وينفرون من جهةٍ تخلعهم،
رافعين شظايا الأقفال في مائدة الطريق تمجيداً.
ثمة حديدٌ يحرس المداخل
ثمة شعبٌ من قلامات البركان
قيل إنه بوصلةٌ تضلل النساك وسدنة الهيكل .
يتكلمون فتنهض معهم اللغة،
وتختجل الكلمات العذراء مثل طيورٍ ضائعةٍ في العماء. قيل إنهم سعاة
الرياح الزرق، وإنهم أجمل من تبادل الفقد مع الخريطة .
عندما يستريح حوذي النيازك ويسند مهاميزه في خاصرة الخيل، تتعثر به
السلالة وتنوش مجاهل المجرة سائلةً عن جهةٍ ضائعةٍ وخطيئةٍ تنتظر المغفرة.
لن يهدأ الحوذي الزاهد المفرط في الحلم ،
سوف يطلق طيور الرعونة من أغمادها، سوف تؤج مهاميزه مثل عجلة العاصفة،
وتغمس نيازكه الشاحبة حوافرها في يقظة الجحيم .
منذ الآن لن ينسى أحدٌ رنين الأهداب الملحدة، قرينة الفتنة،
تسأل المحنة المبجلة .
أنثاهم الفاتنة،
شغفت بها شريعة الغزو وشاغلتها غريزة السلب.
أنثاهم الناطقة بالوعد، رفيقة الخطوة والجلجلة، تعري نهديها في مجون
الكارثة، وتطلق في المأساة عويل الإبتهالات. نهدان تنحدر منهما غيبوبة
المساء، نشوة الضحايا، بهجة الحداد، ندم الدسيسة، شعائر النهب، رماد
الأرامل، سلالة الحديد .
أفراسٌ تحسن المكابرة وتخذل الموت .
|