تاريخ الومض
هذا هو الشاحب الصوت
يشحذ تاريخه
شاخصا في خراب يؤرخ
يرخي رواياته
يستعيد الوميض الذي لم يمت
الوميض الذي لا يموت
شاخصا في السكوت
الحنين الرمادي مستنفر
قيل ماتوا / وقيل انتهوا
من يؤرخ / كان الرماد
بروجا من الماء مرخية / من يؤرخ للماء
من يحتفي
والنهر مستغرق في نشيج البيوت
شاخصا في السكوت المؤجج
مستسلماً للوميض
حكوا / سوف يحكون
وحدك الآن في غابة / صادق الوحش
وافتح له قلبك المستريب
وحدك الآن فاهدر وسلسل خليجاً من النخل
وحدك الآن مستوحش
والفوارس مشغولة ، تخلع الوقت
تاريخها خاضع
سوف يحكون / فاصغ ..
2 قولي له الخروج
في هذا اللهب المستريب الذي يعانق
تتعلم الأشجار كيف تشحذ السيوف الكسولة
وتجلس الخميرة في رواق
تقول للأصابع المضطربة : إبدأي
فتبدأ
مثل النهايات الأولى لخروج يغتصب الرمل
حيث جنية النخل تخلع أعضاءها
فيغمرها الحليب
افتحي لجمرة النهر نهديك
لك سرير الأسرار . هذا اللهب
حين يحتازك الفارس الغريب
ينتشر الأطفال في ردائك الأخضر
فتخرج النوارس من أحلامك
أجنحة وأصدافاً وكواكب
افتحي طريقا ، حيث الخميرة تدوزن القتل في النهاية الأولى
وتبدأ ذكريات المستقبل في التدفق
لا تقولي للغريب الكلمات قولي له القبل
قولي له الكأس والوسادة
قول له الشهيق الضاري الذي لا يخجل
حيث الجحيم الذي يتناسل
والأحجار تحتسي درسها الأخير الأول
قولي هو السيف عاريا .
3 حكمة الماء
يبدأ النهر من غيمة مشتهاة
من الطمي يطفو بدمع
من النخل مستغرقا في صلاة
من الصمت يبحث
/ من أين
قمصانهم من رماد الأساطير
يبكون من فرح / يبدأ النهر
من أين مروا
بسطنا لهم من صليل الحجارة سجادة
واحتكمنا إلى الماء / كان الرماد بروجا
فمروا على الأفق والرمل في غفلة
كيف مروا /
مشى النهر في هودج الأرض مستبسلا
واحتسى خمرة ألهته
بسطنا لهم خندقا
/ كيف مروا
رأينا علاماتهم في النخيل الذي ظل مستغرقا
في صلاة وفي خمرة
هم الآن مستوحشون
الصحارى تباغت أطرافهم / كيف
ليس ما بيننا من لغات/ دم بيننا
واحتمال وماء
وما بيننا
حكمة الماء مسقوفة بالسيوف التي تسبق الدم
يبدأ النهر من صخرة الليل
من حجر أسود
كيف مروا
لهم عند كل انحناءة حرف بقايا
لهم في الحجارة تعويذة
كيف مروا ، و هذي الشوارع
هذي التواريخ مكتظة بالوصايا
هم الآن مستفردون
البلاد التي قاتلت حلمهم أمة في سبات
فمروا
بسطنا وضوءا وسجادة واحتكمنا
هو الماء فاصغوا ...
4 وحشة الفارس
السيد النهر مستوحش / وحده في النخيلة
فرسانه يسأمون
يعبون من ضجر الاحتمال
وحده يجمع الوحش ، يسقيه
يبسط أسطورة من حرير على كتفه
وحده / والفوارس مهدورة في انتظار الهزائم
رمل النخيلة مستنفر
سوف ينتابني الرعب من حافر سوف يرتج منه دم
هارب سوف يهتاج مستنجدا من غد سوف ينتابني
الاحتمال الذي رافق الله في خلقه
وحده النهر مستفرد بالفريسة
قولوا يد سوف تمتد تطوي سرير السماء المطرز بالجوع
قولوا حسام سيخرج عن غمده البدوي ويفضي إلى الجسر
ظمآن
قولوا الدماء التي في اخضرار النخيل رماد له خاتم لا يسمى
وقولوا الرسائل لن تحمل الحب بين النخيلة و النهروان
انتهوا / سوف نبدأ ...
5 حالات الحروف والأسماء
( الحروف كلها مرضى إلا الألف
أما ترى كل حرف مائل
أما ترى الألف قائما غير مائل
إنما المرض الميل
و إنما الميل للسقام
فلا تمل )
مريض من الحب والاحتمال
شريد وينساب في الأرض / والكلمات احتفال قتيل
ويهلع في وحشة الرمل
أسراره الجنس والموت
أخباره في النساء اللواتي اختبلن اشتياقا / وينساب
أحلامه بيرق الليل ، والحرف والبرق أسرى له
يحتذي هدأة السرج في صهوة مصطفاة / ويشرد
ليست مدائنه الآمنات
يرتدي صمته الصارم المستثار
هو الوحش مستفرد هارب
كان في سجنه آمنا كان مستغرقا في حرير الزنازن
مستعصيا كان في قتله مستحيلا له الليل سجادة
والصلاة احتفالا له / كان حرا
هو الآن في قيده المستطيل
أخباره في النساء اللواتي اغتسلن اشتهاءا بأمواجه
والحروف المنارات والسر والسلسبيل
اسقني
كان لا تفرغ الكأس من خمرة الأصدقاء . اسقني
كل حرف مريض سينهض بالكأس . هات اسقني
نشوة العرس تاج لأسراره ، فاسقني
هو الآن في قتله المستحيل
( سيأتيك الحرف وما فيه
سيأتيك منه اسمي وأسمائي
سيأتيك منه العلم
وفي العلم عهودي إليك ووصاياتي
سيأتيك منه السر
وفي السر محادثتي لك وإيمائي
وسيدفعونك عنه
فادفعهم عن نفسك )
هذا هو النهر مستسلما لابسا قتله المستحيل
ناسجا من حرير انتظاراته كوكبا
فاستجيروا به
من رماد / له الخلق / من طينة
فاستجيروا
له الخلق / من زعفران المرارات / من نهروان
حكوا / سوف يحكون
قالوا انتهى / قيل بدء له في قميص من الطمي
في صخرة طفلة / سوف يحكون
هذا هو النهر مستغرقا عابرا قبره المستطيل
يؤرخ للجوع يحنو عليه ، ويمنح أطفاله وردة للخروج
استجيروا / هم الآن في ظاهر النخل
لم يحمل الرمل أخبارهم / جاءوا مع الماء
من يقطع الماء بالسيف
مروا
رأينا الجياد الجميلة مزدانة بالكلام الجميل
أسمع الأرض تهذي بأطفالها ، تستغيث
افتح الخندق الرحب / تهذي
مشى فاتح على جرحها / أول النهر / محزومة بالبكاء
انتهت / سوف يحكون / تهذي
وجيش النخيلة يصغي لتنويمة الموت /
يصغي وتهذي
تآبينها مشتهاة دما واحتقان
فتهتز في مهدها الرحب والنهر مستبسل
أنا زعفران الصلاة الأخيرة
أنا زعفران الصلاة الصغيرة
والأرض تهذي إلى النهر مهتوكة
... فرأيت عليا يتبنى التراب ويحثوه على التاريخ بدمع . رأيته يجثو
إلى النخل يرويه يروي له عن شهيد سيخرج عن سبايا عن الضحايا المصطفاة
. عن الخيل تحجل في العظم يحكي له عن خجل الموت . عن رفض سيملأ الأفق.
عن الخاتمة وهي تفتح الأرض لخروج أبدي ، عن الفاتحة وهي تغلق التاريخ
في الوجه ، عن الرماد المؤرخ والماء والنهر مستسلما للبدايات ...
النهر في نهروان الخليفة مستغرق
سوف يحكون عن عروة الومض / يحكون
عن خارج في حسام له سطوة الرعب في الأرض
عن عاشق يعبر الشارع العربي / يؤرخ
للقتل مائدة
للكتاب الأخير افتتاحية
/ صاح غيلان في السوق :
( من يشتري كل هذا التراث الموشى بدمع )
حكوا / سوف يحكون
لكنه مثل حرف نبي
له السمت والصوت والصولجان
سيغزوا بهم في رماد التراث الذي في يسار الكلام
( فالحرف ناري
الحرف قدري
الحرف حتمي في أمري
والحرف خزانة سري )
سيدفعهم في حريق الشوارع
في الجوع والجرح والجمرات.
6 الكلام الأول
موغل في يسار الكلام
ليس لي صورة في الوقيعة
لي خمرة طفلة حرة أحتسيها وأرتاح من وجعي بالوجيعة
بلاد هي الآن مفتوحة / نهرها في سرير من الأرض
في خندق في خداع خنوع
هي الآن مخلوعة للخليفة . منذورة للخراب
هي الآن مذهولة في صلاة هي الآن
يا خمرة أحتسيها وأرتاح من وجعي بالفجيعة
حكوا / سوف يحكون .
مضى في عذاب له
حاملا من تراث الهزائم أسطورة
مثقلا مثل رمل النخيلة قبل الكلام الجميل
تراتيله جوقة فوق عشب البدايات
أطفاله /
من يغني له في عذاب له شرفة الماء مزهوة
سيفه الأول المستهام
/ المدينة مفتوحة للصهيل الغريب
فمن يشتري كل هذا التراث ..
7 تراث المدينة
عروة قيل يدعى . وقيل الذي موته نافر . قيل غيلان
يدعى . وسموه ماء الكلام الجميل . سموه ما لا يسمى .
حكوا / سوف يحكون
هذا تراث من العري / من يشتري موته باحتمال
ومن يعبر النهر للنخل ، حيث النخيلة بوابة
للسرادق أو للجواسق أو غرفة مشتهاة
السوق مفتوحة كالمدينة
قال لي : بع لهم من تراث القبيلة / واسكت
فرأيت المعري يعري الصلاة الطويلة
( أفيقوا أفيقوا )
ولم يستفق نائم في قبور الجزيرة
لم يتعظ هائم في فضاء الخليج
فمن يشتري كل هذا النشيج
قال لي : بع لهم وابسط المسجد الأموي بصمت
فيا جثتي في رماد الصلاة الأخير .
8 طفل يؤسس الماء
زهرة . نهروان . وفسقية من دم
أيهذا الرماد الذي مثل ماء ويغوي
أدر واسقنا
واسق هذا النخيل الرشيق
هو النهر /
هذا دم أسس الماء فيه بلادا وأسرى / له الخلق
فافتح له القلب / هذا الغموض ازدهار وفوضى
له الخلق / فوضى
حكوا / سوف يحكون
فاستسلم النهر مستعذبا موته
كل مسقوفة موته
كل موت له نطفة سوف تجتاح .
... وقيل أن الماء لم يتكون بعد . فرسم الفرات وغطاه بحزن وشحه
بتراث الذبح ، ثم قال :
أيها الطفل تموت ظمأ ، ومات .
مستسلم للغموض الرمادي
والزعفران المقاتل مستبسل / خارج عن حدود السماء
له الخلق في خرقة فاستجيروا
سماء له الأرض يبني عليها المدائن
يبني الفراديس
قمصانه كوكبات وتيجانه سعفة النخل
هذا هو النهر مستسلم للخليج
اختلاجاته راية لطختها انتظاراته
فانحنى
آه لو ينحني مثل غصن
ولكنه ينحني هاتفا بالقتيل
سلام له
سلام على القدم الخارجة ..
9 الصلاة الصغيرة
حين انتضت الخطوات سريرة الأرض
انشطر الوقت عن طفلتين
قالت الأولى كلاما
وأنشأت الأخرى حديث الخوف
فاسترجع الطريق طبيعته الأولى
حكوا / سوف يحكون
فارأف بهذا الوطن
إرأف به
أنت عذبته بالمرايا المريبة ، هيأت أشجاره للحدائق حينا
وأحرقتها
أنت / فارأف به من حوافر أحلامك الغادرة
هو النرجس الشارد القلب ، فارأف بأطفاله
بالعظام التي تلبس الجلد ، بالزعفران الموشى
غدا سوف يغشاك حزن يسمونه الذكريات
التفت للمرايا المريبة / وارأف به
أي نهر سيغسل أحزان هذا الوطن .
10 قل هو النخل
قيل . سمعنا النهر يبكي عند باب الرمل
قيل الرمل لا يصغي
وقيل النهر مقتول قبيل الموت
هل ميت ويبكي
قيل . أسرار له . والرمل لا يكتم سر القتل
لو يحكون .
رأيت أحزانه التي لا تحصى مسقوفة بالتضرع
رأيتها قلادات تتأرجح في كتابة ليست للكتب
رأيت دمعا كقوس قزح يحتضن الطبيعة
رأيته في قتل كثير ولا يموت
مر طفل جريح وظمآن
فارتج ماء الرماد احتفاء / له الخلق /
مستسلم للرؤى
لا رمل له حول عليه ولا له قتل
له سجادة من هسهسات العشب والألوان
مأخوذ / له جيش يؤرخ للصحارى
قل هو النخل .
11 الوشيعة
... رأيته يتداعى و ينداح في بريق نصل غير ملجوم
رأيته يوزع أطفاله للسم والعطش ، ولا ينحني لغير
الصلاة
على الأرض يطوي وشيعته ، والوشيعة تهذي وتنسج
أحلامه . ورأيت الفجيعة تركض في بيت علي
سمعت الفجيعة سجادة للصلاة
حكوا / سوف يحكون
عن نهروان يجر السقيفة في موكب خارج
عن رماد مشى في تراث الخليفة
عن سدرة المنتهى وهي تهذي / ويحكون
فاصغوا ولكن أعدوا جوابا لمؤودة سوف تسأل .
يوليو 1980
|