فلما طال عليهم الليل وهم يجرون في قبضة الهلاك وقد حكمت عليهم الريح
العاصفة والبحار الزاخرة والأمواج الهائلدة ومركبهم يئن ويتقعقع ويتتعتع
توادعوا وصلى كل منهم إلى جهة على قدر معبوده لأنهم كانوا شيعا من
أهل الصين والهند والعجم والجزائر واستسلموا للموت وجروا كذلك يومين
وليلتين لا يفرقون بين الليل والنهار فلما كانت الليلة الثالثة وانتصف
الليل رأوا بين أيديهم نارا عظيمة قد أضاء أفقها فخافوا خوفا شديدا
وفزعوا إلى ربانهم
:وقالوا له
يا ربان ما ترى هذه النار الهائلة التي ملأت الأفق ونحن نجري إلى سمتها
وقد أحاطت بالأفق والغرق أحب إلينا من الحريق فبحق معبودك ألا قلبت
بنا المركب في هذه اللجة والظلمة لايرى أحد منا الآخر ولا يدري ما
كانت ميتته ولا يترع لوعة صاحبه وأنت في حل وبل مما يجري علينا فقد
متنا في هذه الأيام والليالي ألف ألف ميتة فميتة واحدة أروح
:فقال لهم
اعلموا انه قد يجري على المسافرين والتجار أهوال هذه أسهلها وأرحمها
. ونحن معشر ربابنة السفن لا نطلعها الا وأعمارنا معنا فيها فنعيش
ونموت قليلا منها ونموت بعطبها . فاصبروا واستسلموا لملك الريح والبحر
الذي يصرفهم كيف يشاء
كتبه الربان
بزرك بن شهريار الرامزهرمزي
سنة 509 ميلادية
|