مجنون ليلى

( بالاشتراك مع الفنان العراقي ضياء العزاوي)
طبعة لندن
مجموعة أرابسك - لندن 1996

 

البرق الأول

الصحيح الذي هو شك خالص، أن قيساً وليلى عامريان، التقيا صغيرين يرعيان في نجد الجزيرة، بواديين يتصلان بكثيف النخل من جانبٍ، ووعر القفر من جانب هو كثير الشرود، باكر الحزن، ميال للعزلة، يأنس لرفقة البهم في المراعي، و يرجز في قطيعه مواجد حسبها الناس كلاماً حفظته سليقة الصبي من مسار الرعاة، ولم يصح له أن يزعم شعراً في ذلك العمر لئلا يكذبوه وهي كثيرة الأحلام، غزيرة الخيال، غريبة الأطوار، روت قرينات لها أنها من الجن إلا قليلاً ومن الإنس بمقدار، اتصلت بإبن عمها وبشاعريته الباكرة، رافقته في الواديين حيث كانت قريناً له في اللهو البريء، فيما كان يشب ويشعل الشعر بها فأخذت به وصارت تلـز ببطن الوادي، ليتقابلا في غديرٍ، تلتقي عنده غنمهما، هو مع إخوته، وهي في قريناتٍ يتبعن القطيع فأتلفا وازدهر بينهما ولع، مثلما تلتهب الحمرة في وردة القلب، وصار الشعر موقد المحبة ويروى أن قيساً حكى فقال (عند غدير الواديين نورد الغنم ونتزاحم على المورد بمرحٍ صاخبٍ، كل يأخذ بالماء يرشه على الآخر، فنتدافع وتضطرب أجسادنا الغضة، فصادف أن قاربتها فتلامسنا، ومس كتفي صدرها، ولم يكن بعد قد أكعب ولا استنهد ولا استدار، لكنني شعرت ساعتها بخيطٍ رهيفٍ من البرق يجتاح أعضائي ورأيتها تختلج و يتصاعد منها شبه نحيبٍٍ كمن مسه الهلع، فعرفت أنها سمعت من روحي شعراً لم يجر على لساني بعد فركض كل منا صوب غنمه يهشها عائداً إلى مضاربه، ولم أرها بعد ذلك زمناً حسبت فيه أنني لن أراها أبداً، وكنت من الحلم قريبا)

 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى