(لو تُرِكَ القَطا لنام)
صاحب الرأس
نسير بلا حيرة- كانت الحيرة مثل القناديل
في جلدنا
نسير على أرض كل الشوارع،
أقدامنا رعد كل الزوابع يتبعنا الحزن والياسمين
ونستصرخ الموت ، والموت يصرخ فينا : تجيئون ؟
برقا نجيء من المدن الخائنة
( مدينتنا لم تخن - نحن خنا )
وحين تداخلت الصور المرعبة
صرخنا ، وجئنا نسن حراب الفجيعة
نشرب خمر التغرب
نصنع من حجر الموت كأسا ، وأنخابنا
من بروق المحبة والحقد والاعتراف .
على أرض كل الشوارع في مدن الثورة النائمة
زحفنا ، ولما فتحنا كتاب السماء
ولما عرفنا الدماء
توقف نبض الحديد ، وجاءت لنا الساعة القائمة .
نسير بلا حيرة . كانت الحيرة مثل الوسام
على بطن كل الضفادع في المدن الخائنة .
نسير . ندحرج تاريخنا ونركله باحترام
ولم نأخذ الأرض بالسيف . كنا قطاة
وكانت محابرنا من دماء وكان الذي فوقنا
يبول علينا ، ونحن نقول : اسقنا
ونشرب ، نسكر حتى تمر الليالي علينا
وحتى نصدق أن السكوت كلام .
نسير ونعرف كيف نشق التراب ، ونبذر داخله الكائنات
وكيف نحز الرؤوس ونزرعها عبر كل العصور
فنحن الحسين المسافر من كربلاء
ورأس الحسين الممزق بين دمشق وبين الخليج
ونحمله ، نستريح على سورة المومياء .
نسير ورايتنا الغالبة
ونخرج من كل كوخ على أرض هذا الخليج
لندخل كل القصور ، ونبني على رسمها قبلة غاضبه
ليزهر ورد الرماد ، الرماد الذي تحته النار أو طفلة
في ربيع الخطورة
أو جائع ، تحته نحن ، من ألف عام نصير ركاما .
ويركبنا البحر من غير صارية أو شراع
يصيد اللآلئ من قلبنا
تصير جماجمنا كرة
عليها خرائط كل المدائن حين تجوع
ويحترق الحب ، والموت ورد
وحين نجوع تصير عظام الجدود مناجم
تصير ملاعق من ذهب ورصاص
تصير مرايا وآبار نفط
( ما مر عام والخليج ليس فيه جوع) 1
ويستقبل الجوع رأس الحسين ويفتح باب الحريق
ليدخل رأس الحسين . . .
تصير البلاد عروسا لها ألف طفل وألف عشيق .
( ينتشر الحب في كل مكان ، ويسقط الحب
قتيلا لحظة المجابهة نحاول معرفة الخيط
الأسود من الخيط الأبيض يختلط كل شيء
بكل شئ )
نقيم سرادق عرس على مأتم الميتين
ونبصق كلمة حب وحقد بوجه المحقق ،
نرقص داخل كل السجون .
وتنهد جدران كل المسافات حين نمد مفاتيحنا
ترانا انقلبنا على ظهرنا
مثل هذي البلاد التي تحسن الكر و الفر
هذي الفتاة التي سرقوها بسيف
فسالت دماها براميل زيت ومن وسلوى ؟
ونبحر من كل أرض إلى كل بحر .
مدائن حزن صحارى سجون .
نسير معا ، تلد العاقرات الأغاني ،
نسير ونحن جميع اللغات الغريبة
ونحن الحبيب الذي عرف الدرب نحو الحبيبة
نسير ، انتظرنا طويلا ، تأخر موعدنا فقتلنا
وقمنا من القبر ثانية وقتلنا ،
وقمنا . . . ولكننا ما هزمنا
وسرنا مع الرأس ، سرنا إلى كل أرض وكل حياة
نسير بلا حيرة
لم تعد شعرة بيننا الآن لا وردة من دخان
فنفتح وجه الزمان
ونحمل رأس الحسين المحاصر في كل أرض غريبة
نسير إلى مدن النار ، نحرق أسوارها ، نحترق
ونكتب فوق معاصم أطفال تلك المدن
محطات عشق وسيرا بلا حيرة في الطرق .
نسير معا اتبعونا
نلاقيكم عند رأس الخليج
نسير ونحن جميع اللغات الغريبة
ونحن الحبيب الذي عرف الدرب نحو الحبيبة .
فبراير 1971
|