|
لا أعرف أين أضع النص الشعري الموسيقى (وجوه) ؟ على أي سلم نشيجي نرتب الأوجاع من أي ينبوع إنشادي نغرف ؟!
أدونيس … يحلينا في أدائه ونبرته إلى ندب دمشقي ممزوج برعشة أهل الكوفة. خالد الشيخ يلقي بالجمر كله في أفواهنا ومهجنا! قاسم حداد يحمل المواكب والرايات للدخول نحو المأتم، يغوي فرس القصيدة ومهندس انكساراتها، ينفخ في ترومبيتات السعير ويشتهر في ليل الغفلة الطويل لو يدس سيف أبى ذر الغفاري بين ضلوعه ليستريح من صخب العالم ومكابدات النهارات والهذيان مع النفس أمام خزانة الملابس والمرايا وفي سرير الزوجة وكراسي خيزرانة ومساءلات أولاد رأيت في صخب"وجوه" أناشيد وموسيقى الحتوف كورالات اللطم وعدداً هائلا من الرجال العراة، يحملون هوادجهم على أكتافهم ويغرزون السيوف في الرؤوس الحليفة، شاهدت طوابير من الخيول والفرسان الماثلين في الغرق ! بلدانا تخوض في غبشة الدماء تتصدى لحاملات القرابين، رأيت ايائل تنطح الجدران ولا تطيح بها، جواميس من معدن تزحف لحد مقدسات أسيرة رأيت نساء بلا مرائي أمهات يدفن أولادهن في قيظ الضيم! رأيت عزاءات مكبلة، بيوتاً مزدحمة بالشبابيك" شبابيك من عزلة ترتب منصاتها لإعلان الاستقلال النهائي هن ليل البهائم! رأيت شعوباً مؤجلة، أرغفة مائلة سنديانات للعفة المنبوذة في الندم! مسارح بلا مهرجين لافتات تقضم الكلمات حفلات ختان.
أدونيس في انتهاكات صوته الطالع من دم قلبه أكثر من ممثل للهجران!
أبعد من حكومتي ممسوس أكثر سطوعاً من برق الدماء في القتل، حين أهداني القسيس عبد الله السعداوي الوجوه لم أكن أدرك للوهلة الأولى فداحة السر، لم أحضر نفسي لمباغته، لم أستعد للمفاجآت لا لآني عاشق لقاسم حداد ولا لكوني متيما بصوت خالد الشيخ، إنما لتلف مزمن يعشعش في روحي!
في بيت النشيج، قرب كنيسة محتضرة على أنوار الشمعدانات والرسومات الأليفة، قريباً من البحر، يصحبه العذب والمعذب صالح العزاز، وضعنا موسيقى وقصائد وجوه دارت الموسيقى، هدرت الأصوات اشرأبت، شفت دورتي الدموية، أشهد بأني مت،تواريت تماديت في الشجن، انكسرت، اشتعلت صرخت استبحرت، توسلت انطحنت، انكويت " بلادك أيها المجنون" أقصتني إلى سكوت يشبه الهمود، إلى عراق يشبه النزيف، يشبه الصرة، التجويد، يشبه التجويد، يشبه النواح، يشبه السفر، يشبه المرائي التراب، يشبه الحنو …
البارحة وصلت أمي من بغداد إلى عمان، من عمان إلى جسدي البارحة علقنا الغياب على الرفء البارحة طلبت منها ترهف السمع إلى وجوه!@ |
