عبد الوهاب العريض
منذ الشمعة المتوارية خلف الباب ، والإضاءة الداكنة المسلطة على أقنعة تلبس الأرض حليتها والحواجز المحاطة بسواد الشباك ، تبدأ في الدهشة الحالمة ويسكنك الرعب وأنت تنتقل في معرض (الوجود) المقام حاليا في البحرين ،.. في هذا المعرض تقاطعت جميع الوجوه، حتى الزائرين الذين يجوبون ارض (المسرح) حيث تحولت قاعة العرض الى مسرح يشارك فيه الفنان عبدالله السعداوي وآخرين بعضهم وقف خلف السياج وكأنه لوحة جميلة محاطة بالقصائد المرسومة في الوجوه حيث قام الحداد بالكتابة والفنان ابراهيم بو سعد بتنفيذ (مؤامرة) الرسم وجاء خالد الشيخ بمفاجأة جميلة حيث يخرج صوته المتناغم مع الحان تقاطعت على الجسد.
بالنسبة لي .. (وأنا لا اكتب وجهة نظر نقدية، إنما رؤية انطباعية عن مشاهدات أسكنتني داخل رعبها للأيام السابقة .. الدهشة التى تصيبك مع الافتتاح الذي أعده المخرج البحريني (عبدالله يوسف) و متناغما مع الوجوه التى رسمت والاجساد الملقاة جانبا، او متعلقة في أسوار خلف النوافذ وداخل زقاقات المعرض .
لم نعتد على زيارة معارض بهذا الشكل مسبقا.. لعلها الشمعة التى أدهشتنا بدلا من الشريط التقليدي الذي يقص في كل افتتاح .. حاول مخرج العمل عبدالله يوسف كسر رتابة المعارض السابقة وتنفيذ فكرة قد تكون "مجنونة " والابتكار ليس هو الهاجس بل التخيل كما يقول قاسم حداد، ومنذ الخطوة الأولى لك في المعرض يفرج لك "الكورال " الذي شارك فيه كل من "خالد الشيخ ، هدى عبدالله، محمد عبد الرحيم ، حسام أحمد، باسل أحمد، باسم درويش": بصوت جنائزي بلحن أوركسترا لي .. يتغني في قصيرة (زجاج الفضاء). غابة أم بشر/هذي الوجوه التى تؤرجح إحداقها في زجاج الفضاء / بهجة أم كدرا.. فبأمرك الصوت بالتقدم لتدخل في دهليز يقودك الى وجوه معلقة ويخرج بعد ذلك أد وينس بصوت آخر يقرا قصيدة كاتبها الحداد و ملحنها الشيخ . تخبرك من هوية المعرض ، لكأن ما أراه من بياض هو الكفن المنتحب من يعرف هل أنا في الحرف الأول في الكلمة الأخيرة .
وتنهال القصائد من حواليك محاصر أنت بصوت الشاعر أدونيس ووجوه "بو سعد" ومقاعد
ودهاليز عبدالله يوسف .
لعل هذه التجربة الجديدة تجعلنا مندهشين .. متسمرين في التوقف نحو الأفق .. ننتظر فعلها فينا..
وهل تتحول الى ظاهرة أم تتطور، وحينما نرفض الظاهرة ذلك لأننا نبحث عن التطور دائما الى الأحسن ، لعل الجزء الثاني من هذا العمل الجماعي (وجوه) الذي يشتغل عليه حاليا المخرج عبدالله يوسف يكون افضل من هذا العرض .. او ربما أقل.. ولكن نجاح هذا العرض من وجهة نظري يجعلنا نتوقف ونتريث كي نحاول تقديم ما هو أفضل .. وهذا ما أتمناه من المخرج عبدالله يوسف الذي سكن العمل وأسكنه معه .
أربعة فردية
كل هذه الوجوه تعرفنا
كل هذه المرايا تعرفنا،
كل هذه الأقدام التى تدوس وجوهنا تسط في الفرق .
تدخل بطقوسك باب المرايا.. وتشعل قنديلك في الصباح وتعكس داخل التجربة .
تدهشك المرايا والاجساد التى تنتقل بين الوجوه، والغربة التى تتناغم بين المرايا، وتنتخب النسيان والحب الذي يقف عند أعتاب امرأة وقفت هناك.
في أقصى الزوايا والهزيج الليلي الذي يتراقص مع البياض* |