أكرم شاهين
في القرن السادس قبل الميلاد كان فيثاغورث قد اكتشف أن المسافات !لموسيقية جميعا تخضع لنسب رياضية معينة، وتتوقف على تردد الذبذبات ، وأستنبط انه ، لا بد من وجود نظام عددي وميزان موسيقي في الأشياء جميعا، سواء في الأرض أو في السماء، ولما كانت الكواكب تتحرك ، فمن الواضح أن حركاتها، سوف تنتج أصواتا ولا مناص لهذه الأصوات من أن تتناغم في انسجام ، هو ذاته الموسيقى، الموسيقى أذن، هذا البعد السماوي للكون ، والشعر هذا البعد الفضائي للروح.
لا ادعي إن هذه مقدمة ، إلا من حيث تقدمها الكلام ، لكن ما اقصده هو النتيجة.
من الإنسان !؟
حين استمعت إلى شريط وجوه - شعر قاسم حداد - موسيقيا - خالد الشيخ غناء المجموعة - والمطرز بإلقاء أدونيس - لم يتبادر إلى مخيلتي هذا الفضاء المتناهي.. لكنه تبادر إلى روحي واقتحمها، تجربة .. نعم تجربة هادئة منوطة بالهم .
في شعره ، قاسم حداد، يخترق الهشاشة بالرهافة ، ويصنع مداميك للأفق الأبعد.. هل سيكون جميلا!؟
في لحظة من الحب بعمر الزمن يهمس الشاعر " في الحب شيء من الجنة " هل هو اكتشاف أخر للانسجام الكوني، عبر الحب ؟ ثم يذهب لـ "ترجمة الليل " فيجد الباب مواربا بلا اكتراث .. هل هي الحقيقة الفاجعة؟
/ أيها الباب الموارب/ .. غير مكترث بنا/
لكن .. هل أستعرض الشعر مقتطفات . لاقترف الفجاجة أم استعرض الشعر مقتطفات. لأقترف الفجاجة استعرض بقايا من تهادي الشعر في الوجدان ، بلا استئذان /كنا نغني حول غربتنا الوحيدة / نعم هي غربة واحدة وكلنا غريبون / اقتناص للحالة ، يحاكي الطفولة أو الجريمة ! وتنسرح الدهشة : / ليل كما لو انه الليل كله / أي ليل يسود النهار؟ كل النهار ولذلك / كنا نترك النسيان يأخذنا على مهل ، لئلا نفقد السلوى/ أية بشاعة للتذكر، عندما يكون النسيان ملاذا وخلاصا، شعر يباغت البشاعة ، فتتنحى جانبا منسحبة مؤقتا إلى جولة أخرى ليؤكد الشعر مجددا / ماذا سيبقى، عندما تنهال ، جمرتنا الخفية ؟ في هواء الليل / انه ليل "كله ليل " وهواء فاقد للحب ، وجمرتنا نحن ، تنهال دما و"احتمالا واحدا للموت"، أيهما اجمل ، الحب ، أم الكلام عنه ، يقينا لا أحبذ النقد لأنه يجترح البراءة ،و أحبذ "مزاج الريح " لأنه الحياة والحياة - الأشياء - حسب فيثاغورث تنتج أصواتا، إنها الموسيقى الشعر بالموسيقى..؟ هل سؤال خاطئ..؟ كيف تكتب بالموسيقى بالروح؟ ربما نجحت قليلا ! هذا ما قاله - ما غناه - ما عزفه ، خالد الشيخ .. البس الموسيقى روح الشعر.. فتزين الكون بالشعر، تماه بدائي.. أكاديمي - إنساني.. سمه ما شئت ، تمازج الأول والأخر، البعيد والقريب .. الروح - الحلم / الجسد. فخرج العمل أوليا، يمكن لنا اشتقاقه مرات ومرات .. ولا يمكن استنساخه فغنى / لم نعرف مكانا آمنا للحب /، صوت سلسبيل ، حرس غنائي عذب ، كالماء من صخر، جملة موسيقية مدروسة ، ذات خلفية إيقاعية ، تشبه إيقاع غابة موحشة في سديم الفراغ ، تبعتها صرخة مدوية . بخجل ، بصوت جماعي ذي طبقة عالية ، ممتزجة بذاك الإيقاع الموحش ، الذي تسارع نبضا وخوفا / كابرنا لكي نخفي هوانا عنز معذبنا../ ويتضافر الصوت / صوتان جواب وقرار - حب ووحشة وهدوء أخير بآلة نفخية صوتها يشبه انسحاب الريح من أطراف غابة ، ونحن / غابة أم بشر/ بنسيج صوتي يميل إلى المقامات الموسيقية البعيدة عن الروح الشرقية ما أمكن ، إيقاع متواتر، تمازج صوتي جميل ، بعيد عن الهارموني، باستثناء، مواطن درامية معينة عبر عنها خالد الشيخ بلطف (مدروس أيضا..) / جسد يهوى.. فتنهره الروح / عندما يهوى الجسد، يحدث الدمار، صوت قوي يجلجل .. وعندما تتدخل الروح .. تدخلها لن يكون إلا رقيقا، كصوت البيانو إلا آت من البعيد، إلا آت بحب ، حيث / تصادف طرقا مسقوفة بالرعب / فاحرسها بزعفران المرايا/
أيهما الموسيقى.. صوت الآلات ذاتها.. أم جرس الشعر ذاته أم الصوت البشري الذي انسل بين الشعر والموسيقى.. فتاه المعنى في سحر لا يخلو من عمق التجربة المريرة في ما يسمى / بلادا أو وطنا / أقول .. لا أحبذ النقد.. واعشق البوح ، والبوح شيء من الحب و.. "في الحب شيء من الجنة ".. هذا ما يتبين لنا من الاستماع إلى الشريط المصاحب لمعرض "وجوه " التشكيلي للفنان إبراهيم بوسعد والذي تحول إلى عمل مسرحي عرض مؤخرا في إطار مهرجان المسرح الخليجي في الكويت . |