وجــوه

أدخل غموضك ولا تتوضح ولا تهتم


تأملات على هامش " وجوه "

كأي بخطوة واحدة تركت عالم الغابة لأطأ أجواءه، لهفة الغرابة تتسلل لنفسي، أضواء باهتة تحتويني، فنسيت الحدود بين الحلم، السراب والحقيقة، نسيت الناس، الوقت، الكون ونفسي، نعم .. نسيت نفسي..ورحت اكتشفها، أتعلمها، فما تلاشى مني لم يكن شيئا، ضعت هناك بين الوجوه تطلعت على ما وضمته الدهاليز، ربما وجدتني هناك بين تلك الحروف أو خلف القضبان أتراي ودتني هناك بين تلك الحروف أو خلف القضبان أترائي في عين، وارى صورتي في مرآة.. ألقى عليها السلام حسبا مني أنها اخرى.

لقد تحققت هناك الخرافة (فالقيد فعلا كان أسطورة)، ضعت في ذاك العالم، وضاع عن ذهني انه بالخارج يوجد عالم واقعي آخر غير الذي احياه الآن، تمكنت من التحرر من كل ما يكبلني، أعدت خلق أفكار، مفاهيم، معتقدات كثيرة، وقعت ببراثن الذهول، والوحشة حد الموت، احزان كبيرة التهمتني، وجوه اخترقتني طولا بعرض اعرفها وتعرفني كما تعرفه الروح الجسد، أضرحة فواجعها رهيبة .. كالحقيقة !.. كثيرا ما يكون الحلم عربي للحقيقة، او يكون الحقيقة ذاتها،فينكشف زيف ما حسبناه .. حقيقة !!

حلم .. يدفعك لسبر غور نفسك،الغوص في أعماقها، استكشاف غموضك، ومهما حاول الإنسان، قال عمل، وفكر كيف يسقط ما بداخله من مكنونات بصدق ومن العمق ليشاركه الآخرون ما فيه، دون بريق كاذب وافتعال : فان المحاولات تفشل، الألسنة تلوى،الاعمال تحبط، والأفكار تتناثر،تتهتك وتتبخر!، فالحقيقة تأبى إلا أن تسكن القلب.

لذا.. لازال هنا أناس يشعرون، يتحسسون مواضح الجرح، يتوضحون صدق الألم والداخل ومواراته، تجنبهم الروح باشراقاتها وتتجلى لهم في ابهى حالات وجدها، لا بأس إن وسم ذلك بالجنون،.. ما المريب بالخلق واطلاق التداعيات، تركيب الأجزاء من جديد والبحث عن صيغة مرضية في الخروج على النوم، خوض التجربة يركبنا الرهبة ويصل بنا لسنح يخالف الاعراف ويشيء بألمالوف، يسلك طريقا غير الذي سلكته الف قافلة حاملا لنا جال الأحزان والكآبة، ساميا بنا للجنون، يسلك طريقا غير الطريق، ولا يمر بمسلك سارت عليه الف قدم متمسكا بجمال الاحزان، اذن لن يكونوا ابدا كالنسيان بكل هذا التأرجح والتأجج، وبتلك المخيلة الفجة ينسى احتمال النسيان.

منذ الوهلة الأولى وجدتنفسي أذوب في طقوس جديدة سديدة الأغراب مليئة بروح القداسة، مفرقة الوضوح والإبهام، احتارت قدماي.. كيف تتحرك وإلى اين لا! حيث انبرت كلمات تشنق ان بحت لها عن دلالة، لوحات تقتل فيها البداعة ان قيدتها بمعنى، تراتيل كانت ام ترانيم فإنها في المنتهى أصوات بشرية موسيقية، لم
تكن تنطق كما الاصوات فقد نطقت كما تنطق الأحاسيس، فهي أصوات هزت أوتارا مهجورة .. نفضت الغبار عن الصفحات الرئة، ورطبت فرشاة جافة محركة ايد كان الجمود يئدها، تقلبت في أنفاس صدئة عفنة فأخرجت منا ما لم نحبة قابعا فينا متماهيا بكتنونتنا الإنسانية وحملت لنا اختلاجات عفوية .
(ادخل غموضك ولا تتوضح ولا تهتم)، تترك كل العناصر تمنحنا المقدر، تلقى بأشياء وتسلبنا اخرى فلا نحاول تبين وتعرف الأشياء، ليس المهم ان نفسر كل شيء، بل ان نترك أنفسنا على سجيتها، الا سقاطات متواصلة والتداعيات لا تتوق، فلا يمكنن القطع بأي شئ أو تحتيمه، تفسيرك لا يكسر كل المرايا كمرآتك… فلا شئ حتمى الا الموت وهل نحتاج للتوضح ونحن محيا المتاهه!!

فهل كان ذلك نحيا حلماً؟ وهل سلبت منا ذواتنا أم خرقت لنا حجبها وعمنا في وعمنا في دواخلنا..!!

 
 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى