وجــوه

هواجس

عقيل سوار

لم أعرف وأنا أجول بمعرض (وجوه) مع زوجتي، لماذا انتابني نفس الشعور بالتوجس، الذي رافقني في صباي كلما اخترقت مقبرة المنامة (البحارنة) من بابها الشرقي إلى الباب الغربي قاصداً سوق المنامة أو العكس عند الغروب خصوصاً، وكنت أفعل هذا كثيراً في صباي، ليس شجاعة، ولكن لتجنب فتوة الفرجان الواقعة على أطراف شارع خل العصفور، فتوة العوضية والفاضل خصوصاً، فما كان لأهل الحورة منفذا إلى سوق المنامة سوى المقبرة أو شارع خلف العصفور.. وكنت أختار المقبرة تصورا!!
أقول لم أعرف سبب الشعور، حتى سألتني زوجتي، ونحن نخرج من معرض وجوه، عن رأيي في المعرض، حينما علمت أن سبب توجسي هو خشيتي من مواجهة سؤال شبيه بما يطرحه على رفيقي في درب المقبرة كلما تجاوزنا المهمة المستحيلة، لحظة خروجنا من باب بسلام من المقبرة: هل كنت خائفاً؟
أجيب: بفرائص مرتعدة .. لا، أبداً!!
لكنني الآن كبرت وما عاد يستهويني تصنع الشجاعة أو الفطنة أو ادعاء الفهم والمعرفة خصوصاً أمام زوجتي، فبعضنا يتحدث في نوعه كما لا شك تعلمون !!
ولا حقا في جلسة خاصة، ضمت عدداً من المتهمين بالشأن الثقافي، بينهم شاعر على الأقل وناقد على الأقل، وكلهم تقريباً من أساتذة طرحاً للأسئلة لا أدري لكني أعرف المثقفين، معرفة صاحب الكار…. ولذلك استبقت أي منهم للحديث وقلت للفاضلة : سيدتي أعلمني أن أخبرك أحد من هؤلاء أو غيرهم إجابة مباشرة وقال أن المعرض زين أو شين فهو يكذب … والغائب أن الإجابة التي ستحصلين عليها هذرة طويلة لا يحتملها السؤال..
وهكذا كان بالفعال لكنها هذرة لم تخلو من متع…
بعض المتع التي قليت : أن قاسم حداد شاعر مبدع ثابت القدم والجنان ما في ذلك شك، وخالد فنان قدير وصاحب هم فني ما في ذلك ريب أيضا، إبراهيم بوسعد، ومثلهم أيضاً التشكيلي المسرحي المتعدد المواهب عبد الله يوسف، وأن أي عمل فني يقدمه أي من هؤلاء الثلاثة لا بد أن يفي في حدة الأدنى بقدر من الجودة بقياسات تاريخ أدائهم الفني، يضمن لعملهم الناي عن أية مساءلة جوهرية .. أعني أن هؤلاء وصلوا مرحلة من النضج الفني بحيث لم يعد أي منهم بحاجة للبحث عن شهرة أو مجد بمجرد التـفذلك … مع ذلك فالسؤال المطروح، هل في (وجوخ) كجهد مشترك أية إضافة لأي من الفنون الأربعة التي تشكل صلبة ؟ وأهم من هذا ماذا نسمي (جنين ) الفنون الأربعة مجتمعة ؟ أهو معرض تشكيلي أهم عرض غنائي، أهو ندوة شعرية أم هو عمل مسرحي تجريبي أم هو مجرد ( صج فن) كما قال أحد رواد المعرض همسا في أذن زوجته ؟!
شاعر من الحضور قال أن وجوه، لا بد أن يكون محاولة من قاسم حداد لتسويق نصه وهو نص سابق على فكرة العمل المشترك ومن هذا الفهم يمكن أن يصدق هذا القول بدرجة أو أخرى على خالد وإبراهيم بو سعد، لكن هذا القول لو صج يوقع العمل المشترك في مسائلة جوهرية تتعلق بالنوايا، وليست النوايا في تصوري الشخصي موضع مسائلة .. أنه الاجتهاد …
شخصيا رأيت أن البطولة في العمل تعود لمخرجه عبد الله يوسف، فالسنوغرافيا لعبت دوراً مهماً فيما رأي ناقد مسرحي كبير أن العمل كان يمكن أن يكتب له نجاح غير عادي، لو أنه مسرح مسرحة كاملة عوضا عن اللمسات المسرحية الخجولة التي زخر بها …

وفي الختام كان هناك شبه اتفاق على أنه تجريبي .. ولا يتصور أحد منكم أن اتفاقا على شئ كهذا بين مثقفينا أمر هيئا! لكن أيضاً كما بعد الاتفاق ناقد متقاعد بنفاذ صبر .. إلى متى سنظل نجرب؟
شخصياً اعتقد أن التجريب لا بأس به فعالية فنية لا تخلو من متعة، ولعل مجرد الفرجة والاجتماع بالناس ثم الهذرة التي تتخلل أو تعقب هذه الفرجة مجرد الفرجة والاجتماع بالناس، ثم الهذرة التي تتخلل أو تعقب هذه الفرجة فيه ما يكفي لتبرير التجريب… لكن،،
شريط الاحتفاظ بميزان الربح والخسارة متغالبا في الحدود المعقولة، وطالما (وجوه) معني بالأمر فأني شعرت بعطف حقيقي على إبراهيم بو سعد خصوصا الذي اعتقد انه بذل كي لا أقول أهدر (ربع عمره) في هذا العمل الجنائزي المخيف.@

 
 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى