تحت رعاية وزير شئون مجلس الوزراء والإعلام البحريني، محمد المطوع تم افتتاح المعرض التشكيلي المشترك " وجوه " في تمام الساعة السادسة من مساء السبت الموافق 8 مارس 1997م
أشترك في هذا المعرض ثلاثة فنانين هم الفنان التشكيلي إبراهيم بو سعد والشاعر قاسم حداد والفنان خالد الشيخ وذلك بقاعة مركز الفنون.
(وجوه) تجربة مشتركة فنانين ينطلقون من تجارب مختلفة … حيث يدوزن إبراهيم بو سعد فضاءات من اللون والحركة، وتتلطخ وجوه خالد الشيخ بنعاس يحرسه رماد غادر … وحيث يحسن قاسم حداد اللهو وتبادل المرايا كلما وضع يده علينا.
حاولنا أن نضع مقدمة لها العمل فوجدنا أننا كنا ضحية دائمة ومباحة… نخرج من شركة لنقع في فخ ينتظرنا فيه احتمال واحد للموت … حول التجربة كانت لنا هذه الوجوه…
سعادة الوزير محمد المطوع :
(أنا سعيد جداً بأنني افتتح هذا المعرض الذي يشكل تطوراً مهما في الحركة الفنية في البحرين أولا لأنه بين عدد من المبدعين وقمم من الفنانين البحرينيين شكلوا لنا جميعاً عملا فنيا متكاملاً. هذا العمل في الحقيقة ما كان ليخرج لولا قدرة الفنان البحريني على الإبداع الذي لا يكون إلا في جو من الحرية. أنا سعيد أن أرى الفنانين وهم يستثمرون ما حبانا الله من حرية في هذا الوطن في إبداعات فنية راقية وعلينا أن نحافظ على هذه الحرية من عبث العابثين ومن لهو اللاهين.
أريد أن أشد على أزر الفنانين في البحرين أهنئهم على ما وصل إليه الجو الثقافي عموماً في بلدنا البحرين.
· عبدالله السعدواي (مخرج وممثل مسرحي وعضو مؤسس لمسرح الصواري)
كل جسد في هذه الدنيا هو مجموعة من الأجساد … فلا أستطيع أن انطلق بالباء بدون هذه النقطة التي تقبع أسفل الحرف.
الفنانون المشاركون في هذا العمل عملوا كثيرا وطويلاً لاخراج هذا العمل ومشاركتي معهم لم تكن إلا تلك النقطة الضئيلة التي سعدت بها، وهذا العمل لا أعتبره امتدادا لتجاربي السابقة لأنني دوما أقوم بمسح كل أعمالي السابقة عندما أتصدى لأي تجربة جديدة .
إبراهيم بوسعد : ( فنان تشكيلي)
هذا العمل عمل جماعي وليس عملا لي وحدي. . أريد أن أشكر كل الاخوة الذين ساهموا معنا في إنجاز هذا العمل . الجميل في هذا العمل هو هذه الألفة التي تجمعنا . في تصوري أن الفنون عندما تلتقي تعطي بعدا جديدا ومغايرا مما تعطيه وهي منفردة .. وهذه المحاولة ما هي إلا البداية التى أرجو أن تتطور في أعمال قادمة .
في هذا العمل سترى قاسم حداد الرسام وإبراهيم بوسعد الشاعر وخالد الشيخ المخرج
وعبدالله السعداوي الموسيقي وعبدالله يوسف المتورط بهذه الوجوه، واحدا واحدا.
خالد الشيخ (فنان موعود بأغصان تحنو على النهر مكتظة بالشجن )
طبعا نحن سعدنا كثيرا لهذا التقدير الكبير الذي حصلنا عليه ورأيناه ولمسناه على وجوه.
المدعوون :
التجربة ممكن أن تكون أجمل بكثير مما هي عليه الآن ولكن لكل عمل ظروفه وإمكاناته في هذا العمل لا نحاول أن نفرض شيئا ما على المتلقي، فلقد وفرنا كل ما يمكن توفيره لكسر الحواجز، وإذا كان الشكل النهائي للعمل هو الحاجز الأخير للمتلقي فلن تستطيع مع الأسف كسر هذا الحاجز..
أهم ما يميز هذا العمل .. أننا كلما توغلنا فيه كلما ازدادت حريتنا.
نصوص قاسم حداد ساعدتني كثيرا كما إنها أدخلتني في تحد كبير لأنني ضد عبودية النص…
أحلى ما في التجربة أن قاسم حداد أضاف لي الكثير موسيقيا وجعلني أحس بطعم الحرية في ممارسة العمل الفني.
اجتماعنا في هذا العمل كان جميلا لأول مرة وآخر مرة..لأن الأعمال الجميلة متعبة جدا.
أحمد الجميري (فنان)
اللذيذ في هذا العمل انه نتاج فكرة جديدة .. هي خلط بين عدة فنون الموسيقى والشعر والتشكيل وكذلك التمثيل .
الحقيقة أنني استمتعت كثيرا بهذا العمل واهنىء جميع المشاركين فيه.
عبدالله يوسف (مخرج وممثل وفنان تشكيلي.. فنان متفرع الاهتمامات)
هذا العمل ورطة كبيرة وجميلة .. جميلة جدا.
الورطة تبدأ بالنص الشعري.. اللوحة .. الموسيقى واستلافات من المسرح . أجمل ما في الورطة هو كيف تستطيع ان توظف كل هذه الفنون والمجالات الإبداعية بحيث لا يطغى مجال على آخر.. والصعوبة تكمن في هذا الشيء.
وهذه الصعوبة قادتنا على تقسيم هذا العمل إلى قسمين : القسم الأول. هذا العرض التشكيلي، والقسم الثاني هو العرض المسرحي الذي سيقدم لاحقا . كانت الفكرة هي دمج القسمين مع بعضهما لولا أننا أدركنا أن الغلبة ستكون للجانب المسرحي وهذا ما كنا نحاول تفاديه .
محمد البنكي (عضو بأسرة الأدباء والكتاب ومؤسس بمسرح الصواري ويعمل محررا ثقافيا بجريدة الأيام )
الأفق العريض الذي يمكننا أن نضع هذا العمل فيه هو أفق راهن الآن في تجارب إبداعية عالميا. أفق يذهب إلى إزالة الحدود بين الأجناس الإبداعية . بالنسبة لنا في محيطنا المحلي يمكننا القول بشيء من الاطمئنان أن هذا العمل يؤرخ لهذا الأفق باعتباره بداية حقيقية بالرغم من إن هناك تجارب سبقت هذا العمل من مجموعة من المبدعين .
أعتقد أن العمل يستمد أهميته من طبيعة الأسماء المشاركة فيه وطبيعة اللحظة التي يأتي العمل فيها من كل واحد فيهم باعتبار فنان مثل خالد الشيخ الذي يترقب الجمهور لما سيقدم بعد هذا كل التوقف. الفنان إبراهيم بوسعد مر بنفس تجربة خالد الشيخ والجمهور. . يترقب أعماله .. والشاعر قاسم حداد الذي يواصل تجاوز تجاربه باستمرار، كل هذا يفرض أهمية مسبقة للعمل من الصعب أن نطلق عليها الآن أي اسم، ولكن من المؤكد ان هذا العمل هو بداية لأعمال أخرى. . ويكمن جمالها في صعوبة تسميتها، جمالها هو في ارتقابها .
إلى حد كبير.. استطاع الثلاثة خالد الشيخ وإبراهيم بوسعد وقاسم حداد .. لخبطة أوراق المتلقي.. والعمل يحتاج إلي الكثير من التأمل والتعمق لفهم الكثير من تفاصيله من إيقاعات وجمل موسيقية جديدة يطرحها الشيخ من خلال تلحينه لقصيدة النثر.
كشف ثان : بدر الرويحي
معرض : " وجوه "
تعمدت أن أسجل انطباعي اشخصي بعد إن نظرت كثيرا بأذان صاغية إلى "وجوه " خالد الشيخ .. كنت متأكدا جدا أن صورة هذه الوجوه لن تكتمل لدي كما يريدها منفذو هذا العمل لدى أي متلقي دون التوغل فى العمل من خلال وجوهه المختلفة.
أعتقد أن هذا العمل الإبداعي جاء من إيمان وحب قاسم وخالد وإبراهيم لهذه التجربة . وكعمل أول من هذا النوع أرى أنهم استطاعوا التواجد والالتقاء على أرض صلبة - نوعا ما - أجمل ما فيها أنها لا تعترف بحدود أو قيود .
من أجمل المشاعر المختلفة التى راودتني في هذا العمل، ما جئت به من تصور معدوم لما ستكون عليه طريقة العرض والمزج بين العناصر المختلفة (الشعر- الموسيقى - الرسم ). كذلك بداية دخولنا للمعرض ونحن نحلق بموسيقى تتعمد استفزازنا وهي يصيح : "تقدم .. تقدم .."
كان الإخراج الذي ظهر به المعرض أحد أعمدة التضليل الجميلة حيث أنك
تنساق الى ما ترى دون أن تعلم من أي مكان يجب أن تبدأ فما أن تضع خطواتك الأولي، إلا وسلبك أحد الوجوه وجذبك إليه، هكذا كان تورط عبدالله يوسف .
"ليل .. كأنه الليل كله،" هكذا يرتابك قاسم حداد يجغرف الأرض ويؤرخ الوجوه وينسف ما جغرف وارخ فيبتسم حزنه إليك ساخرا: " الخاسر.. لا يخسر شيئا "
أجمل ما في خالد الشيخ أنه أجمل ما فيه . كم أحسسته يحلق حرا في سماء قاسم وهو يحمل أجنحة استطاع خلال فترة استراحته الطويلة أن يدعها ترتكب نموا لا يقف في وجهه شيء، كان وجهه مشرقا وهو يقول : "خالد الشيخ ليس مجرد عود ووتر".
إبراهيم بوسعد مارس الخط والرسم في آن ثان، أما ما ارتكبه فى ان واحد فكان هذا التمرد على تأثير وبروزة اللوحة،. جاءت "وجوهه " قبورا وكراسي ومشنقة وسجونا وأقصى ما لم يستطع أن يصل إليه كان هناك متجسدا في تلك الوجه.
يا لهذه الوجوه كم تمثل هذا الواقع المخيف : وجه يحاصرك في كل المعرض، وجه لا يكاد يفارق مخيلتك رغم انك ترمقه بنظرة طائشة، وجه لا يكاد يذكر يقع في ركن لا تعرف كيف وصلت إليه، وجه مهمش - أو هكذا أراد - وجه يتدارى خلف الوجوه وآخر يتعمد الظهور من خلال الوجوه المحيطة به، وجه يبتسم لك وكم تتفاجأ عندما ترى خياله وهو يخفى كل ذلك الحقد والغيظ والشر والتسلط، هكذا تتناثر الوجوه هنا وهناك وفجأة !!
تصدم بوجه لم تتوقع أن تشاهده هناك في خضم متاهة الوجوه هذه، تقف مكانك، تعود خطوة إلى الوراء، تتقدم مرة أخرى، فتتأكد أن ما تراه أمامك هو جسد غريب وله وجه مثلث صنع من مرآة تعكس لك وجهك من كل زاوية تأتيها، هكذا تجد نفسك أمام "وجوه" تعريك
حتى من وجهك الذي تتركه هناك على المرآة لتخرج مثقلا بما لا تعرف وموج ينساب من فوقك: "ماذا سيبقى عندما تنهال جمرتنا الخفية …في هواء الليل:؟!!
ماذا يختفي فينا؟! . . .".
كشف ثالث : هنادا طه
السادسة الا خمس .. يسألون أين؟ متى؟ كيف؟ أهي الموسيقى مح اللوحة؟ من أين تنزل اللوحات؟ تدخل الموسيقى؟ وتلك القاعة الخالية أهي للتعبير؟ الكل يتفرس في وجه الكل، يفتش عن لوحة ما لإبراهيم او حملة لحنية او شعرية ..
شمعة حمراء في الوسط .. تذكرني بفالنتاين .. بالعشق والاحتراق حتى الاحتراق.
هو "وجوه" وكنا وجوها.. من أسقط القناع ومن ثبته ؟ من أرخى الستارة ومن أزاحها؟ تجمعت كل الوجوه الآن بانتظار " وجوه ".
ترى أأضع نظارتي لأرى الوجوه أم أخلعها لتراني.. عند السادسة والربع اختلطت علي الوجوه، ووصل وزير الإعلام.
أمسكتنا الموسيقى من أصواتنا ودخلنا الى خارج .. تقدم قالت .. تقدم إلى الاه .. الله ..
وحشة دافئة .. دافئة وعبدالله السعداوي يحمل وجوهه ويمشي درب الجلجلة أو درب الأنسنة ما عدت أعرف .. ما عدت أعرف .. أستدير حياء أستعير قناعا .. ماء.. وجوه .. ماء.. وجوه .. كيف نمدح يأسنا؟ انحن .. التقط تلك الكلمات .. لملمها .. لملمني.. أرجوك انحن أكثر.. أم تراك دخلت في الخدر: نعم .. أمسك .. التقط ذاك الكلام .. استقم ودعني أمشي.. أعطاني وجها من وجوهه وشيئا من ماء عينيه .. وأدار ظهره ورحل .. وحده الحبر بقي..
وصفح عن غفلة القلوب ..
مثلث يخرج منه الضوء.. ماذا تراها تعني المثلثات والكراسي الخشبية العتيقة ؟ ارفق بنا يا حوذينا الجميل ..
صدأ المسمار كأنه يسمع، كأنه يرى .. أتساءل من ذا الذي يسمع ومن يرى.. من سيخرج من النوم ؟
لا البحر يسعف السفن وليست الكلمات تسعفني.. أدخلني "وجوه " خدرا لذيذا.. لذيذا.. موحشا .. موحشا وتذكرت جحيما يسمى الوطن .. حزنت .. بكيت .. تطهرت و أدخلوني الغموض دون أن أتوضح أو أهتم فوجدت خالد بوسعد، ابراهيم حداد وقاسم الشيخ .. وشيئا بين بهجة وكدر.. استفزني "وجوه ".. أطلق غجريتي وأحصنتي وأعلن موتى فوق سرير الولادة. استفزني.. أغضبني.. هزني.. سباني.. غزاني وما الحقيقة سوء ارتعاشة جسد.. ما الحقيقة سوى ملمس ناعم لحبل المشنقة .. وذكرى لعرس مستحيل وألف لا..@
|