وجــوه

مغامرة موسيقية

أمجد ناصر القدس العربي
" الجمعة 28/3/97

لم أشأ أن أكتب عن الأغنية والموسيقى مرة أخرى لكيلا أزيد عدد المتطفلين على " التخصص " واحداً جديداً .

لكن المصادفات تأبي إلا أن تعيدني الى هذا المشهد الذي لا أملك فيه سوى مقعد خلفي في صفوف المستمعين (.. أو المشاهدين). فما أن كتب منوهاً بتجربة نصير شمة مع الأغنية معتبراً ذلك نقلة نوعية للعازف العراقي ماهر وإضافة الى الأغنية العربية الجادة حتى وصلني شريط غنائي من الصديق الشاعر قاسم حداد بعنوان " وجوه " والواضح ان العمل الجديد هو ثمرة معرض أقيم مؤخرا في البحرين بالعنوان نفسه شارك فيه قاسم حداد ( شاعرا ) وخالد الشيخ ( موسيقيا) وإبراهيم بو سعد ( تشكيليا) ولكن الشريط لا يلحظ بالتأكيد المساهمة التشكيلية لإبراهيم بو سعد ويكتفي بالتجربة المميزة حقا، لكل من خالد الشيخ وقاسم حداد.

وقد سمعت العمل مرات عديدة في الأسبوع الماضي وكلما سمعته اكتشفت فيه جديدا سواء تعلق المر الجوقة والأصوات الموسيقية أو بالحضور المتجدد للكلمات أو بأداء الجوقة والأصوات المفردة.

وقبل أن اتحدث عن العمل أرغب في تقديم تحية لأدونيس الذي قدم أمثولة في التواضع والصداقة والمغامرة على السواء.
فهو قرأ ، على نية الصداقة والمغامرة المقاطع الشعرية التي تتخلل العمل بطريقته الأخاذة في الداء ضاربا صفحا عن الهالة الميتافزيقية التي يحرص الشعراء العرب الكبار على أن يحيطوا بها أنفسهم.

فهذا شاعر كبير بحق لا يتواني ان يدخل مغامرة غير مضمونة العاقبة مع شاعر من الجيل اللاحق عليه وموسيقى شاب له سهم في الأغنية الخليجية، ولكن ليست مساهمة أدونيس مجرد تحية لصديقه قاسم حداد بل تمكن خالد الشيخ من استثمارها على نحو عضوي بحيث صارت جزءا من نسيح العمل.

المفاجأة في عمل " وجوه " ليست في نص قاسم حداد، فهذا ما يتوقعه المرء منه كشاعر له بصمة خاصة في القصيدة الفذ الذي يقدمه لنا خالد الشيخ.

ويحسن بنا ان نشير هنا الى أن نص حداد ليس مفعلا (أي ليس موزونا) الا في مقاطع يسيرة منه فيما مجمل النص من طراز " قصيدة النثر).

فإذا أخذنا هذا في الاعتبار تبدت لنا مقدرة خالد الشيخ على اجتراح نظام موسيقى صارم لنص لا يخضع أصلا لنظام وزني تقليدي.

هكذا يلعب خالد الشيخ ، بمخيلة واسعة ، على الطلاقة والنظام معاً على أصوات الجوقة والأصوات المفردة على مساحات والانقطاع، مستثمرا قراءة أدونيس لمقاطع من النص على نحو لا يمكن أن يستقيم العمل، كما هو في الشريط من دونها.
" وجوه " تجربة جديدة تضاف الى ما اجتهد به مارسيل خليفة في تعامله مع قصائد محمود درويش الطويلة وما يقدمه عابد عازريه من حسن الى آخر والى اقتراحات الفنان السوري الشاب بشار زرقان في القصيدة الصوفية.@

 
 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى