وجــوه

خالد الشيخ و " وجوه "
ما ليس ينتخبه برابرة الغناء

عبد المحسن يوسف

هنيئاً للذي يلهو به يأس ويحرسه : رماد غادر…
ويقول للموتى : صباح الليل… "
صوت اخضر، كصوت " نهام " فطن يحاول كسر ملوحة البحر بسكر الحنجرة…
يحسن انتقاء كلمات كبريق عيني سيدة منذورة لعشق له ذكاء الجمر وبسالة الظهيرة
يحسن انتخاب النصوص ، على الرغم من أننا في زمن ليس فيه ما يحرضك على انتخاب نص فارغ الغصون يحسن اختلاس المضيء من عتمة فادحة يدس أصابعه في رماد التراث، وينتقي النيران الخبيثة الجميلة… يدس ذائقته في قش متكاثر يسمونه شعراً فيصطفى سنابل من ذهب ، وازدهاراً تتفرد بإنتاج عطر حصيف درب حسه على التلفت بهدوء في ممرات الكلام، كي لا يتعثر بما يكسر الذائقة، ويهشم آنية الصوت والضوء
أطلق عقيرة في ببرية أغنية تحتفي بالمختلف مغلقاً باب صوته دون المضامين
" البائتة " المضامين التي أصبحت تشبه ارضا مرت عليها آلاف الأقدام
يبادر في كل محاولة بما يحرك انهار الدهشة فيك، ويخض العصافير النائمة في الأعماق كي تفرد أجنحتها وتطير، وتزقزق، وترش القلب بصباح نظيف
ينتخب ما ليس برابرة الغناء يحاول ان يقلب الطاولة في وجوه كثيرة تغني أي نص يصادفها في الطريق، على الرغم من كونه نصاً مصاباً بالسهاد وقد يكون مصاباً بالعمى (!!) لكنها تغني مادام السيد المنتج للمغني العابر في كل مرة " اتراني قد ملأت يديك " ؟
غنى خالد الشيخ أغنيات تخرج على المترمد والمتثائب، مثلا : " عندما كنت صغيراً " لمحمود درويش، و " جروح قلبي وتروينك يا عازف عود " و " لأنك عظيم وقوي شديت بك رأسي " لعلي عبد الله خليفة ، وثمة أغنية باذخة لعلي الشرقاوي هي " ازعل التي تقول " حتى الشجر لو زعل جدد ثمر في احشاه " وقصيدة مالك بن الريب الذي يرثي نفسه والقائمة المضيئة تتكاثر
الآن - وبعد صمت نبيل - يخرج علينا " خالد الشيخ بألبوم " وجوه " المجلل بألحانه، وأقمار قاسم حداد الشعرية وبصوت أدونيس يلقي نصوص قاسم ويمطر صوت هدى عبد الله الخارجة من فرقة " أجراس " البحرينية المثقفة - غناء متعالياً على رميم غناء يسوقه الفاترون بهمة " غبي يتفطن " .
خالد الشيخ دمت كاسراً لعتمة يعتقدها نفر من المتلقين الكسالى ضوءاً ليس كمثله ضوء…

جريدة عكاظ " السعودية "
عبد المحسن يوسف
العدد 1124 - الموافق 26 /5/97

 
 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى