كيف استقبل كتاب عرب خبر فوزهم بجوائز سلطان العويس ؟
بيروت، القاهرة - الحياة - باتت جوائز سلطان العويس أشبه بالموعد الذي ينتظره الكتّاب والأدباء العرب كل عامين. وفي الدورة السابعة بلغ مجموع المترشحين الى الجوائز 306 بحسب البيان الذي وزّعته مؤسسة العويس. ولعل هذا الرقم يدل علي مدي إقبال الكتّاب العرب علي الترشح الى هذه الجائزة ومن بينهم أسماء كبيرة. ولعلّ ما يغريهم أيضاً حيادية الجائزة وعدم فرضها أي شروط (سوي شرط الترشح إليها) وعدم تسييسها أو خضوعها لمعايير ضيّقة. وبدا واضحاً انفتاحها علي الفكر المختلف والطليعي اليساري. ويكفي ان نتذكر أن كتّاباً ومفكرين يساريين فازوا بها سابقاً ومنهم: سعدالله ونوس، سعدي يوسف، يمني العيد، ناصيف نصّار.
الدورة السابعة التي أعلنت نتائجها أول من أمس حملت بعض المفاجآت. بينما كان من المنتظر أن يفوز الشاعر السوري محمد الماغوط بجائزة الشعر فاز بها الشاعر البحريني قاسم حداد. ولعلّ قاسم يستحقها مثلما يستحقها الماغوط، فهذا الشاعر البحريني استطاع خلال تجربته الطويلة أن يؤسس عالماً شعرياً فريداً ولغة شعرية تجمع بين الغنائية والمأساة. وغداة فوزه بالجائزة اتصلت الحياة بالشاعر حداد سائلة إياه عن انطباعه فقال:
تعني هذه الجائزة ان ثمة مستقبلاً لا يمكن تفاديه تقترحه التجربة الشعرية الجديدة، أعني الجديدة دائماً. وهذا بالضبط ما يمكن ان تمثله الرسالة التي يشير إليها منح جائزة رصينة ومستقلة لتجربة شعرية هي جزء من جدل دائم في الواقع الثقافي العربي، ومن المؤكد ان الأهمية تكمن دائماً ليس في الجوائز، ولكن في التجارب الإبداعية التي ترشح لها أو تحصل عليها. برجاء أن يكون حصول التجارب الإبداعية الجديدة علي التفاتات نادرة من هذا النوع، ضرباً من تأجيج الأسئلة الجديدة التي تطرحها هذه التجارب، وأن لا نتوهم بتكريس مفترض لأية تجربة بحصولها علي مثل هذا التقدير والجوائز. المسألة يجب ان تكون علي العكس، حيث تتاح الفرصة أكثر للحوار الإبداعي بين التجارب المختلفة والمتنوعة من جهة، وبينها وبين مكونات الواقع وتجلياته من جهة أخري.
إن المبدع بحاجة أكيدة لتقدير مباشر، مادي ومعنوي، علي هذه الدرجة من الجدية، خصوصاً في سياق واقع عربي مؤسساتي رسمي يمعن في التنكيل بمبدعيه بشتى اجتهاداتهم الفكرية والفنية، لنتأكد من النظرة الدونية التي تنظر بها المنظومات الرسمية لطاقاتها العربية في كل حقول الفكر والمعرفة والفنون. وهي منظومات ومؤسسات تتعامل مع المواطن بوصفه عبداً، وللمواطن المبدع بوصفه تابعاً يزخرف صورة الواقع ويبجلها، وأن يتقدم للحصول علي حقوق التقدير بشرط التخلي عن أسئلته أمام الواقع، بافتراض ان جواب السلطة هو نهاية القول.
في مناخ مثل هذا سوف يزهد المبدعون في أي تقدير رسمي أو مشروط مهما تماهى مع الحضارة ومشاريع التقدم الشائعة. لذلك أري الى بعض الجوائز بوصفها فضيحة دائمة لمؤسسات السلطة العربية التي لم تزل غائبة عن الوعي إزاء ما يحدث في العالم من حولها.
أقدر كثيراً اللجنة التي منحتني هذه الثقة، وأشكر مؤسسة جائزة سلطان العويس لمشروع نبيل سوف يستحقه الكثيرون من المبدعين العرب.
أحب أن أهدي هذه الجائزة الى زوجتي التي عرفت معي التجارب القاسية وتحملت معي صعوبة ان يكون المرء حراً.
أما عبدالوهاب المسيري الفائز بجائزة الدراسات الإنسانية والمستقبلية فقال لـ الحياة عبر اتصال معه: أنا سعيد جداً بحصولي علي هذه الجائزة لأنها تنطوي علي تقدير لمجمل أعمالي وليس فقط موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية فأنا مهتم بأن يلتفت الناس الى أعمالي الاخرى. وأنا سعيد أيضا لأنني أعد حالياً موسوعة جديدة عن إسرائيل وستساعدني قيمة الجائزة علي إنجازها. أتمني أن تزداد مؤسسات المجتمع المدني في عالمنا العربي وان تحتذي بمؤسسة سلطان العويس لتتسع رقعة الحرية، وتكثر الجوائز التي يمولها أثرياء العرب من أجل بناء ثقافة الأمة. وفي المناسبة أود أن أشكر الجهات التي رشحتني للحصول علي جائزة السلطان العويس في الدراسات الإنسانية والمستقبلية وفي مقدمها كلية البنات في جامعة عين شمس التي اعمل فيها وكذلك كلية الآداب في جامعة الملك سعود ورابطة الحقوقيين في الإمارات.
وقال محمد البساطي الذي تقاسم مع القاص السوري زكريا تامر جائزة القصة والرواية:
حصولي علي جائزة سلطان العويس أسعدني في حد ذاته لأنها جائزة محترمة ونزيهة واختباراتها لا تشوبها شائبة فكل من فازوا بها من قبل نعتز جداً بهم، وأسعدني أيضاً أن يقاسمني الجائزة القاص زكريا تامر فهو من الكتاب الكبار، وستكون حفلة توزيع الجوائز فرصة لأن التقيه شخصياً، فأنا أقرأ له منذ وقت بعيد ونتبادل التحايا عبر أصدقاء مشتركين. أتمني أن تظل جائزة سلطان العويس علي صدقيتها المشهود بها في كل أنحاء العالم العربي. فهي الجائزة الوحيدة التي تقدمت للحصول عليها لنزاهتها، ولكن لم يحالفني الحظ في دورات عدة ماضية. الآن استعد لإصدار مجموعة قصصية جديدة بعنوان احتجاج، وأكمل رواية الجد الكبير.
وكان بعض النقاد المصريين اعترض علي مقاسمة الجائـزة هذه بين كاتبين يستحقانها منفردين. بل إن البعض قال إن البساطي يستحقها قبل زكريا تامر. مثلما قال ناقد سوري (أصر علي عدم نشر اسمه) ان محمد الماغوط يستحق الجائزة قبل قاسم حداد الذي يصغر سناً ويستطيع تالياً أن ينتظر الأعوام المقبلة.
أما الناقد والأكاديمي العراقي محسن جاسم الموسوي الذي فاز بجائزة الدراسات الأدبية والنقد فاعتبر ان البادرة طيبة جداً وأن الفوز بالجائزة تقدير كبير لعمله النقدي.
وإن لم يعلن اسم الفائز بجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي فإن الأسماء التي تتردد في كواليس الجائزة كثيرة ومنها أدونيس ومحـمـود درويـش. ولعل غياب المغرب بدا واضـحاً في هذه الدورة أيضا. وبرر القاص عبدالحميد احمد، عضو مجلس أمناء قائلاً: إن الأمر يتعلق في البداية بجانبين الأول عدم مبادرة الأخوة في المغرب الـغـربـي، والثـانـي ضـعـف الإعلان عن الجائزة في هذه البلدان.
إلا أن المؤسسة قامت في السنوات الأخيرة بتكثيف جهودها في بلدان المغرب العربي، كان من نتيجتها ترشيح عدد كبير من الأدباء المغاربة يمثلون أقطاراً عدة. وهذا سيفرز في المستقبل من سيفوز بهذه الجائزة التي هي للعرب كلهم من دون تمييز، والمؤسسة لا تملك حق تقويم أي كان، وهذه مهمة لجان التحكيم التي هي أدري بمن يستحق الفوز.
جريدة (الحياة) (ت.م: 17-11-2001 ) |