أضيفت أسماء خمسة أدباء ومفكرين عرب الى قائمة الفائزين بجائزة سلطان العويس الثقافية التي انطلقت لأول مرة عام 1988 في دبي.
فقد أعلنت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية نتائج الدورة السابغة لجائزتها. و منحت الشاعر البحريني قاسم حداد جائزة الشعر، كما تناصف كل من القاص السوري زكريا تامر والروائي المصري محمد البساطي الجائزة المخصصة لحقل القصة و الرواية و المسرحية، و أعلنت المؤسسة في مؤتمر صحافي عقد لهذا الغرض في دبي، عن حصول الناقد العراقي محسن جاسم الموسوس على جائزة الدراسات الأدبية و النقد، وحيازة المفكر و الباحث المصري الدكتور عبدالوهاب المسيري على الجائزة الخاصة بحقل الدراسات الإنسانية و المستقبلية.
شاعر الحلم والغموض
"إن شعر قاسم حداد يتسم بالاهتمام بقضايا الإنسان في مواجهة الواقع، وقضايا الإبداع في مواجهة المكرس والثابت " بهذه الكلمات بررت لجنة التحكيم فوز الشاعر قاسم حداد (من مواليد المحرق في البحرين عام 1948) بالجائزة، وأضاف بيان اللجنة- "إن لغته تميزت بالجدة والحيوية والقدرة على استغلال إيحاءات الألفاظ والعبارات بما يخدم غرضه الشعري، وان كانت لغة الشاعر لم تسلم من الغموض، وذلك يعود إلى اتكائه بصورة خاصة على معطيات الحدس والحلم وعوالم الباطن في تشكيل التجربة الشعرية)). وفي اتصال هاتفي خاص أجرته "الصدى)) مع الشاعر البحريني قاسم حداد يصف فيه مشاعره بعد سماعه بخبر فوزه بقوله: إنه سعيد بهذه النتيجة، ذلك أن جائزة سلطان العويس الثقافية استطاعت، عبر مشوارها في رصد حركة الإبداع العربي ورموزه، أن تؤكد باستمرار على نزاهة
اختياراتها وصدقية توجهاتها الثقافية، وأضاف حداد: إنها الجائزة العربية الوحيدة التي لا تخضع لاعتبارات إيديولوجية أو سياسية سوى ما تفرضه شروط الإبداع الحر، وحين سألناه هل كان يتوقع فوزه بالجائزة أجاب حداد أنه قد تم ترشيحه عن طريق أسرة الأدباء والكتاب في البحرين، وأن فوزه بالجائزة جاء تتويجا لمشروعه الشعري الذي عمل على إنجازه خلال سنوات طويلة*. يذكر أن الشاعر قاسم حداد أصدر 13 كتابا تراوحت بين الشعر والنثر، بدأها بكتابه الأول ا (البشارة) عام 1970، أما آخر إصداراته ((مجنون ليلى" فهو عمل مشترك مع التشكيلي العراقي ضياء العزاوي، كما أسهم حداد في تأسيس عدد من الفعاليات الثقافية البحرينية، بينها أسرة الأدباء والكتاب ومسرح (أوال) ومجلة كلمات ونادي السينما.
القصة والرواية
وتقاسم زكريا تامر ومحمد البساطي جائزة القصة والرواية والمسرحية، فقد ورد في حيثيات منح القاص السوري زكريا تامر جائزة سلطان العويس الثقافية": إن الكاتب زكريا تامر يمثل ظاهرة، ربما تكون فريدة بين كتاب القصة القصيرة في الوطن العربي، فضلاً عن كونه على المستوى التاريخي يمثل جيل الرواد الأوائل في الوطن العربي، وان استمراره وتدفقه في كتابة هذا الجنس الأدبي والإخلاص له والتنويعات التي أدخلها على مجمل تقنياته وعدم التكرار في الموضوعات والزوايا التي يدخل من خلالها إلى جسد النص، هي التي تفسر بعضا من أسباب هذه الفرادة).
وفي اتصال هاتفي خاص لل"الصدى" أجراه الزميل بسام لولو مع القاص السوري المقيم في لندن، سأله فيه عن مشاعره لدى سماعه بخبر الفوز، قال تامر: إن الترشيح لم يتم إلا بعد تردد طويل وإلحاح كثير من الأصدقاء، فرشحت نفسي، كما رشحتني دار رياض نجيب الريس.. وأضاف المبدع السوري زكريا تامر. إنها أول جائزة ينالها بعد جهد 40 سنة، وانه من المفرح جدا أن تفوز بها القصة القصيرة فقط، فكل الذين فازوا بالجائزة كانوا يجمعون بين الرواية والقصة، وهذا انتصار للقصة القصيرة على أنها جنس أدبي يصلح للبقاء والتطور، وقادر على التعبير.. وحول ما إذا كانت الجائزة ستغيره أجاب زكريا تامر: ماذا ستغير في رجل بلغ من العمر 70 عاما، فمع في النهاية يحدث في العالم أزداد تماسكا وتمسكا بمواقفي.. وأضاف: إذا كنت تثق ببساطتي وبصيرتي فلا تخف علي! من المال. وتامر كتب في العديد من الصحف العربية، كما كتب للأطفال "لماذا سكت النهر)) و"قالت الوردة للسنونو"، ومن أعماله "النمور في اليوم العاشر" و"دمشق الحرائق " و ((سنضحك " و" ا لحصرم " و " صهيل الجواد الأبيض)، و"نداء نوح". أما القاص والروائي المصري محمد البساطي، وهو من مواليد الشرقية في مصر عام 1937، فقد منحته اللجنة جائزة سلطان العويس الثقافية بوصفه واحدا من أبرز القصاصين العرب المعاصرين، وأكثرهم عمقا وشاعرية، وقد اختط لنفسه أسلوبا يحمل بصمته وظل يطوره ويبلوره حتى بلغ قمة النضج الفني في ال!سنين الأخيرة: "سنين "و! (هذا ما كان "و"ضوء قليل لا يكشف شيءا" و "ساعة المغرب وصخب البحيرة". وفي حوارنا الهاتفي معه أكد المبدع المصري محمد البساطي على فرحته وسعادته الكبيرة بالفوز وأضاف. كنت راغبا في الحصول عليها، فهي الجائزة الوحيدة التي تقدمت إليها في حياتي.. فأنا أكن لها احتراما كبيرا نظرا لمبدئيتها وحياديتها ومصداقيتها. وأكد ا لروائي "البساطي "كنا نحلم بأن تكون لنا جائزة عربية في مواجهة الجوائز الأوروبية، نحن لدينا الكثير من الأدباء والمبدعين الجيدين. وعن رأيه بتناصف الجائزة مع القاص السوري زكريا تامر قال البساطي: أسعدني أن أكون مع زكريا تامر، لأنه كاتب كبير، وهي فرصة كبيرة حقا، كما أنها فرصة كي ألتقي بزكريا، فقد كنا نتابع قصصه وأعماله من بعيد.
النقد والدراسات
وقررت لجنة التحكيم منح جائزة الدراسات الأدبية والنقد للدكتور محسن جاسم الموسوي لمعايير عدة منها الجودة في نتاجه، بالإضافة إلى غزارة الإنتاج، والمنهج النقدي الدقيق، وموضوعات النقد التي يختارها، والرصد الذي تميزت به قراءاته التي جمعت بين التراث والحداثة. وجاء في حيثيات قرار لجنة التحكيم: "ما ميز الدكتور محسن جاسم الموسوي هو الدراسة المقارنة التي كان له وحده فضل
التفرد فيها، يضاف إليه فضل الإجادة في تناول موضوعاته ودقة مقارنته وكثرة شواهده ". يذكر أن الموسوي ولد 1+ ص في مدينة الناصرية بالعراق عام 1948، ص-/ ء عس ! وصدر له أكثر من 15 كتابا جمع فيها بين النقد والدراسة والإبداع الروائي، منها ((الرواية العربية بعد محفوظ " ! "!!! د ع! و"مجتمع ألف ليلة وليلة "، و" قارات شهرزاد" و"الاستشراق والفكر العربي" و (الرواية العربية- النشأة والتحول" و"عصر الرواية" بالإضافة إلى دراسته الشهيرة (الوقوع في دائرة
السحر".. كما صدرت للموسوي روايات (، ا لعقد)، و" د رب ا لزعفران" و"أوتار القصب". في حقلي الدراسات الإنسانية أ والمستقبلية منحت لجنة التحكيم جائزة إ سلطان العويس الثقافية للمفكر المصري د. إ عبد الوهاب المسيري (دمنهور- 1938)، لكونه مفكرا موسوعياً، وفي نه يربط بين دوائر فكره ربطا مركبا، عبر نماذج تحليلية، فهو يكتب في اليهودية والصهيونية، وفي نقد الشعر، وفي نقد الحداثة، ويكتب في العلمانية كنموذج معرفي، وفي التحيز الأكاديمي العلمي الغربي، ويكتب أيضا ضد نهاية التاريخ وفي الخطاب الإسلامي الجديد. هذا ووصفت اللجنة الدكتور عبد الوهاب المسيري بأنه مفكر عنده رؤية لقدرة الإنسان على تجاوز الواقع وقدرة الفكر الإنساني على التوليد والتحليل والاستشراف. وقد صدرت للمسيري العديد من الكتب والدراسات بالعربية والانكليزية، أما أهم إصداراته بالعربية فهي "نهاية التاريخ"، و"العنصرية والصهيونية"، و"الغرب والعالم"، و"الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية"، و"الجمعيات السرية في العالم "، و"الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ"، و"الصهيونية والعنف"، أما آخر إصدارته فكانت "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، نموذج تفسيرى جديد" وقد ضمتها ثمانية مجلدات صدرت في القاهرة عام 1998. وحتى يتم الإعلان عن اسم المبدع الذي سيفوز بجائزة الإنجاز الثقافي، والتي وعد المسئولون في مؤسسة العويس الثقافية إعلانها في وقت لاحق، يحق لكل مثقف ومبدع عربي أن يفخر اليوم بأن لدينا نحن العرب جائزة تفوقت على الكثير من عوامل التخلف والانحطاط الفكري والثقافي الذي ميز المؤلف ات الثقافية الرسمية العربية، جائزة قدمت نموذجا رائعا لتكريم المبدعين ودعمهم يضارع بل ويتفوق على النماذج الغربية" إنها نوبل العرب، ويصح أن نسميها- "عويس العرب" نسبة إلى مؤسسها سلطان بن علي العويس- رحمه الله.@
|