ياسين النصير - العراق
( 1 )
في ديوان قاسم حداد ( انتماءات )، وهو الديوان الوحيد الذي أقرأه له كاملاً، ولكني قرأت مفردا ت كثيرة من شعر قاسم حداد، الذ يعد أحد الشعراء البارزين في الشعر العربي الحديث، وجدت أن القصيدة لديه ليست إلا صور جزئية معمقة الصورة الأولى و متولدة منها، وعندي أن مثل هذه البنية الشعرية، بنية مكانية. بمعنى أن المكان البؤرة هو المولد للأمكنة - الصور الأخرى، منه تتفرع، إليه تصب، وعندما تصبح مثل هذه الطريقة معتمدة شعرياً، وذات خصوصية تركيبية فيما يخص بنية الوعي بالخارج، تصبح القصيدة واحدة سواء أكانت طويلة مركبة، أو فصيرة غنائية.
( 2 )
اعتمد قاسم حداد لمشروعه الشعري هذا ثلاث مفردات كبيرة :
- العمق الأيديولوجي للواقع العربي، وهو عمق كان أحد منابع الحداثة الشعرية، برغم أن ماقيل عن تدخل الأيديولوجي الخارجي المفروض على القصيدة. وكانت فترة انتاج الديوان - نشر عام 1982- فترة ترد هائل، وانكسارات وتغييرات جذرية في بنية الأفكار، والدخول إلى مرحلة البداوة المسلحة، و العشائرية الطوائفية.
والخلفية السياسية لقاسم حداد، كما هي واضحة من الديوان، توحي بأن القصيدة عنده موقف ورأي، وقوة حجة، وسلاح جماهيري، وفعالية ايديولوجية في آن واحد. رقد أعطت هذه المفردة لقصيدته بعداً جمالياً، عندما يزاواج في صورة واحدة بين قضايا كثيرة مفترقة، مهما اختلفت مواقعها وميادينها.
- اختيار النموذج الإنساني، المحاكى و المخاطب، وكانت " خاتون " اسماً وتشكيلاً اجتماعياً، ودالاً على نموذج شعبي، يتحول ويتجدد كلما تجدد أو تحول الموقف. فهي رمز وبنية عقلية، واسم شائع في الخليج، ودلالة على أن الشاعر إذ يتخذ قناعاً لمخاطبته أو للمخاطبة من خلاله، يجعل منه عمقاً شعبياً، على العكس من شعراء اختاروا أقنعة كاملة الضوء والثقافة والتاريخ، في حين لجأ قاسم حداد الى ابتداع " خاتون" وصيّرها كياناً يقال عنه، بعدما كانت نثاراً شعبياً موزعاً، وبهذه الطريقة حول الشاعر، المرأة، أية امرأءة، إلى تكوين رمزي- دلالي، خاضع لأن يحمل قناعاً أو يصير قناعاً. وتتنوع " خاتون "، وتتعدد وتتكرر، ولكنه كلها من خلقه أو من فهمه، لمعنى أن تصير الشخصية الشعبية مفردة شعرية حديثة. كما جعل الشاعر من " خاتون " اسماً مفتوحاً وحقيقة بيتية واجتماعية، و دلالالة على أن اسم الأنثى لوحده يمكن أن يصبح أماً وقضية، أرضاً وصورة شعرية، عمقاً شعبياً وعمقاً تراثياً.
- المفردة الثالثة، المركبة، وأعني بذلك أن الشاعر قد مال في هذا الديوان الى اعتماد نوعين من القصائد، القصيرة و الطويلة، وكلتاهما واحدة من حيث البنية، للصورة الشعرية -كما نوهنا في أول المقال -و عندي أنهما معاً غنائية، و إن ركبت القصائد الطوال بطريقة المقطعية المتداخلة لا المقطعية المنفصلة. و القصيدة الحديثة اليوم - عدا الدرامية - كلها غنائية، إلا أن ما يميز الغنائية الذاتية عن الغنائية المركبة هو :
سعة الموضوع الذي يتناوله الشاعر، وقاسم حداد في ديوانه ( انتماءات ) يوازن بين الاإثنين.
تحويل الأنا إلى صوت جماعي فعال، أي أنه يشمل بنظرته مساحات واسعة من معاناة المرحلة و أفكارها، وقيمها التعبيرية.
التعهامل مع الأشياء و الوقائع المألوفة و اليومية، كما لو زنها البناء التشكيلي لصورة رأي، يغلب عليها المعيشي على الذهني التأملي.
استعمال المفردة الدالة، والمكتفية بذاتها. أي تلك اللغة المشحونة بالشعرية من خلال تداولها العميق شعبياً. اللغة الشعرية الحديثة ميالة إلى التكثيف الدال، لا التكثيف المخل، وممتلئة بزمنية منفتحة لا بزمنية آنية ومرحلية، و قادر
على تجاوز الصورة الموضوعية فيها إلى الصورة الإحالية إلى مواقع أكثر عمقاً وتاريخياً.
الاستفادة قدر الأمكان، وبخاصة في القصيدة المركبة الطويلة، من اسلوبية السرد المكاني،أي ثمة قصة كامنة في كل قصيدة، ونقصد بالقصة، المبنى المكاني الشعري الذي يقوم على متن مكاني سردي.
( 3 )
ضمن هذه التركيبة الفكرية والفنيةبنى قاسم حداد مفهومه للقصيدة الحديثة.
ونحاول هنا استقراء بعض ما ذهبنا إليه من خلال نموذج شعري أو نموذجين.
النموذج الأول :
قصيدة " رسالة "- من أوراق الجاحظ :
( من يقرأ تاريخ الكلمات العربية
من يسمع خاتون البحرية
صارخة في برية هذا الشرق
من يجرؤ أن يسأل عن حجر يحمل طعم الحرق
من يعرف هذا الحجر العربي العاشق
يعرف خاتون) ( ص 27 )
النموذج الثاني : قصيدة " البحر "
وقد احتوت على ستة عشر مقطعاً، من الصعب إدراجها كاملة هنا.
( 4 )
البؤرة المكانية في النموذج الأول
المكان البؤرة هو : البرية / الحجر. ويرنو كلاهما الى طبيعة الشرق، الصحراء و الصخور، التاريخ والبحر. وفي داخل هذه البؤرة المولدة، نجد المفردات التالية : الكلمة، الشرق، الحرق، العشق، خاتون.
و المفردات الخمس كلها ذات دلالة متصلة بالمنطقة العربية، و من هنا نجد اختيا الشاعر لمفهوم البرية- الحجر،لمكان نولد لبقية الصور يندرج تحت اللفظ المهيمن على بناء الصور. فنلاحظ الأفعال : يقرأ- يسمع- يصرخ- يجرؤ- يسأل- يحمل- يعرف. كلها أفعال حواس ذاتية/ جمعية، و رمنيتها حاضرة حاملة لتاريخها،و الترابط بينها ترابط مكاني، حيث الفعل يولد انعكاساً فاعلاً في النفس، آتياً إليه من انهاض قيم وخصوصية شرقية، هي خصوصية البرية/ الحجر، ثم يشمل الشاعر أفعال و أمكنة بتساؤل استنكاري " من " يقرأ و من يسمع ومن يجرؤ و يسأل ويحمل و، من يعرف، و التساؤل يقودنا إلى حقيقة أن خاتون القناع و النموذج هي نهاية المعرفةو السؤال لتاريخ طويل حمله الشرق ببريته وصحرائه وبحره وحجره و عشقه، ولغته، وكلماته.. فخاتون الخلاصة و الموقف، هي الحامل الدال على عمق هذا التراث و على اشكاليته أيضاً.
البؤرة المكانية المولدة في النموذج الثاني
من يقرأ قصيدة البحر، يقرأ تاريخ المعتزلة كله، و يقرأ تاريخ الثوار المعاصرين كلهم، ويقرأ التداخل بين المناضل الثوري وبين القتلة، ويقرأ تاريخاِ لرمز مشع ظهر على الأرض العربية ثم قتل ثم سيعود، وسيقرأ التداخل الشعري بين البحر و عبدالماء، والبناء المكاني لا يحمل اسماً ولا ينتمي لبقعة من الوطن العربي، ولا يركب سفينة واحدة، لكنه يحمل كل معاني الثوار القتلى، ويعرف كل القتلة على مدى القرون الماضية و الحاضرة. وهذه الأرضية الثرية لقصيدة البحر جعلتها واحدة من القصائد المتميزة في الشعر العربي، لصلتها بالنضال الوطني، وبالتراث، وبالبحر، وبالأسماء المجهولة المقتولة،، وبكل تاريخ العسف والظلم، ثم النهوض من جديد، ولكن ليس باسم واحد محدد- عبدالماء- وإنما باسم كل صخرة وماء، كل شجرة وبقعة، كل سجن ومعتقل ومصلوب.
في ضوء هذه السعة الفكرية،وهذه الأرضية الخصبة من المعلومات، جعل للقصيدة خلفية متحركة و ليست تاريخاً مدوناً، كما جعل للحاضر أفقاً مفتوحاً للمستقبل و ليست قضية محددة ومحصورة باسم أوبحالة، فالبحر مكان، مولد ومميت، قاتل ومقتول، السفر فيه سفر فيزمنم طويل يمتد و ما يزال يتمدد.
ستة عشر مقطعاً، هي مركبات هذه القصيدة المتميزة، وفي كل مقطع منها ثمة مكان متولد من البحر/ عبدالماء.
المقطع الأول :
يتركز المكان في المقطع على البحر، مساحة ورمزاً و زمناً وتاريخاً، وشخصاً - المعتزل -
( قد ينهض البحر المسجّى في السواحل
راكضاً فرحاً )
المقطع الثاني، يصبح المعتزل شجراً، أو أن الشجر الرمز يعني ال؛كثرة، الدالة على المريدين، وعلى الأرض الخصبة الأفكار، و في الشجر يوسع الشاعر دائرة البحر، حيث عبدالماء هنا يصبح متماهياً في سيرورة الأرض / الثمر.
( كل دقيقة شجر
................
ولا في الفتية المرحين من يسهو
عن الشجر الذي يمشي )
و مع الشجر يواصل الشاعر العراصف و استنطاق الأشياء، والموجالمعتدل و الشارع العربي و الصحراء،و الصهيل، وخيول البحر.. بهذه السعة الدلالية لمفهوم الإنبات - الشجر- يعطي قاسم حداد ارمزية البحر/ عبدالماء / المهتزل، حركة كونية شاملة ليس الشارع العربي، و إنما المرحلة بكل تناقضاتها وأفكارها. المقطع يدل على الانتشار و النمو.
في المقطع الثالث، نجد بؤرة المكان فيه هو السفينة المهاجرة، و الباحثة، سفينة البحر العربي في صحرائه ومدنه، وفيافيه، بأشرعة ورايات، وبقادة معتزلة، وبإرادة العشب و الأشجارو الموج و الملاحين و الحدّائين و المغنين، السفينة المبحرة باتجاه العمق و الشسارع، تدل على أن القصيدةج توسع من أثوابها، وتفتح فيها نوافذ شوق ورغبة و ثورة.
( ويقوم من ومض الرماد
الدفة المعجونة الكتفين بالنيران
و الموج احتمال الغامض المألوف
في العينين زنبقتان
أحياناً )
في المقطع نجد تضافر القوى العاملة و القوى المضمرة في النفس و في الأشياء ليصيرها نموذجاً قادماً يقود دفة الزمن العربي في البحر.
أما المقطع الرابع فيواصل الشاعر ابحاره، ولكن بانكسار، فارحلة ليست مهيأة السبل دائماً، وثمة جدائل تكسر، ودفة تسيّر السفينة باتجاه آخر، و ليس ثمة أمل أو شقراء، وليس هنا من ثمر تأتي به الأشجار العجفاء. بهذه الجديلة الاحتمالية يقود الشاعر بطله في رحلة ليست محسوبة النتنائج :
( بكى من لوعة في قاع حسرته
و لم تسمعه
غير الدفة المكسورة الودجين )
يواصل رحلته في المقطع الخامس، فنجده هذه المرة، وقد هيمنت عليه قوى الدمار، فالموت المحيط سابقاً بالقارب والرواية والكتفين والدفة، أصبح حقيقة، وثمة نداء خفي حملته رياح الزمن القديم، ورسائل القوم بأن تعال واستلم، فأهل الكوفة مازالوا أحياء في الزمن الحاضر، وثمة بحر قلق الزرقة، وما كان معلناً أصبح مختفياً، وما كان صحرآ تحول إلى ماء، على أمل عودة الشارع العربي، الذي إمّحل و قتلت أفياؤه :
( فارقبوا الميناء
و الشجر الذي يمشي و يكمن خلف هذي الأرض
لا تثقوا
فكل مدينة بعثت رسائلها إلي الصحراء
لسنا وحدنا )
هذه الرحلة المبهمة، الرحلة القلقة، تمد أسباب وجودها الى الأمل الموجود في جوف الزمن و الناس والشجر، و لكن.. :
( ما ضيعونا
إنما ضاعوا بلا ماء على الصحراء )
وعلى العكس من النقطع الخامس، ينهض المقطع السادس و لسوف يطل :
( لا متوحد في عزلة )
هذا الأمل المندفع التيار، الأمل الذي يشدّ حبال الأشرعة و الخيل، سيطل من النوتفذالمشرعة، النوافذ الزمن، لأن الرحالة ليس ذلك الكيان الذي يهتز بسهولة،و لا ذلك المتخاذل الذي يضعف أمام الموج العاتي و الريح السوداء، و إنما هو مالك ليده و مالك لقوتها و لفتوتها :
(افتحوا كفيه
متعبة، و فيها الشهق
فيها الأرق المقتول
في يده
دعوا
فسوف تقول )
و لم يبرح المقطع السابع دوره المقطع السابق، و إنما يوسع من مداه، فيشمل البحر/ الوطن، ويعطي لأبعاد الشخصية أبعاداً مكتنية منفتحة، البحر- الوطن- الخيل، وهكذا يفتح نافذة أخرى تأملية في جسد أغلقت نوافذ رحلته الأبدية.
في المقطع الثامن، يعاود البطل ليعيد تركيب رمزية الحال، محاولاً، بعد تهب الرحلة، إعادة تركيب فكر المعتزل/ المقتول، و يحاول كذلك تثبيت الأمل، برغم ما يصيب الرحلة من فشل وخذلان، فالآتي لا ينهض إلا على رماد التجارب السابقة، هذا الأفق الجدلي الواضح يبقي الرحلة مستمرة، برغم العثرات، ويبقى الزمن منفتحاً برغم اغلاق النوافذ، فالموج والصحراء و الميناء و السفن و الأشجار و العاشقون كلهم قد تجمعوا ليعيدوا بناء الصورة الكلية الآتية :
( قالت الأشجار :
بعد البحر تمتدون
تجتاحون
تبنون الكواكب في جذور الرمل
معتزل
يد من فتية عشقوا
يد من فتية شهقوا
يد من حلم بحارين يعتزلون )
في المقطع التاسع، تنبعاث الحياة من الموت، وتجدد الموت في الحياة، عبدالماء انسان ورمز، حيّ وميت،هي رحلة الجدل الفاعل في الجسد العربي الذي غطته الآلام،وفي الوقت نفسه أثمرت أشجاره و أنهاره وسفنه، إلا أن هذا النهوض لم يأت إلا بعد رحلة العذاب المشفعة بالسجون و التعذيب، و إغماضة الشارع العربي عما يحدث في كربلاء، أو في دلمون، في مصر أو في العراق... هذه الإغماضة التي حولت الأمل بالنصر و الحرية إلى قيود.. و ها هو عبدالماء :
( آه
يمتد الماء
قبل دقيقتين طويلتين
نسوك ممتزجاً بأقواس البدايات
انتضوا وطناً، سمّوه
و أنت مغامر في الحلم
عبدالماء سوف يموت أحياناً )
في المقطع العاشر، يواصل الشاعر تكملة صورة المقطع التاسع، النهوض بعد الموت، و الإنبعاث من رماد الشارع العربي،و السعي نحو تكوين صورة الثوري/ المعتزل القادم، فعبد الماء يخرج هذه المرة من جسديته الأزلية، إلى جسدية كونية شاملة، وبرغم أنه مكسور القوادم، ويصبغ الطرقات بدمه لكنه يعاود الوجود، إلا أن المقطع كله تخيم عليه روح تشاؤمية مظلمة، وثمة انكسار حزين يلف التجربة ك
( أي معتزل سيفتح مغلق الصحراء
- عبدالماء
وعبد الماء مقتول سيفضح لعبة الأسماء )
هذه الخطابية المتوجهة الى موقع ما، هي ندب حزين لواقع يقتل أبناءه و إلى زمن يتجاهل ثواره، وستبقى الصحراء مغلقة والبحر بلا ركاب، والسفن مشرعة بلا ميناء.
في المقطع الحادي عشر، يعود الشاعر، بعد أن قطع شوطاً طويلاً في رحلة عبدالماء الى الأمل ثانية، إنها الرحلة اللامحسومة، الرحلة القلقة، ما أن يظهر فنار يرشد حتى يختفي في الموج و العواصف، ويفقد الأمل. وهاهو يعود إلى التأمل، فالرحلة لم تعد تنفعها البوصلات و الأقوال، و الأفعال الصغيرة،و إنما بحاج
الى حكواتي يواصل شحذ الهمم و العزائم في النفوس، و الشارع العربي إن خلا من حكاية نضال مات و استكان، و عبثاً نعيد الأقوال : كانت، و كان، وكنا، وسنكون.
فالشارع العربي مقبرة و منفى و ليل.
لن تكون المقلطع الأخيرة من القصيدة إلا تأكيد هذه المراوحة بين الثورية و الفشل، وهي حال جسّد الشاعر فيها مزساة المواطن العربي، الذي عاش أعتى الفترات و أكثرها تقلباً وتشتتاً، إلا أن القصيدة، في مبناها الحكائي، توصل ما انقطع بروحية الثوري المتجدد.. القرمطي، أو المعنزلي، أو الشهيد، أو المقتول المناضلو أما القاتل، أما السلطة، فمآلها الموت و الدمار :
( سيبدأ
افتتحوا
و كان الشارع العربي يكتب اسم
عبدالماء
هذا الوقت مائي
سيمحو..)
( 5 )
لاشك أننا قد ظلمنا القصيدة بهذا التركيز، فهي واحدة من القصائد التي تمتد بالتأويل و التفكيك، تأويل رموزها، و تفكيك معطياتها الكبيرة، لأن الشاعر، وهو يستقرئ الراقع العربي و إشكالاته المختلفة، إنما كان يستقرئ جزءاً من تاريخ الانسان الثوري، و القصيدة في مبناها الحكائي و متنها الشعري تؤسس نظرة نقدية واضحة للتجارب الثورية التي تحمل خللها داخلياً.،،،
|