عن الشاعر وتجـربته

الكورس صرخة احتجاج ضد أزمة الإبداع

وقائع ندوة اقيمت في صنعاء - اليمن

نعرف ان لكل كتابة، موقفا، لكننا لا نزعم أننا قادرون أو مؤهلون لأن نغير الكون. مهمتنا ان نشير الى الخلل ، ان نفصح .. ان ندلي بشهادتنا ونمضي صامتين .. ربما أكثر حزنا من قبل.
نرنوا إلى الرابض في الخندق ، نشاطره الحلم والرغبة ، وأحياناً نتبادل الاكتشافات .
مقطع من (موت الكورس) للشاعر قاسم حداد والقاص أمين صالح ، وقد نشرنا. الجزء الأول من مناقشات الندوة الأدبية التي أقامتها (جماعة الشجرة) في الجمهورية العربية اليمنية حول (موت الكورس ).. وهنا نواصل نشر بقية وجهات النظر في الندوة ذاتها .
عبد الطيف الربيع : (البيان الهاجس يشغل المثقفين وهو تحد للبنية الفكرية العربية، وما عجز البيان الفكري عن إعلانه - أعلن عنه البيان الأدبي ، والبيان الفكري العربي- كله موروث مكتسب، وتحدده معايير ثابتة وقطعية بينما فكرة ان يبدع شيئاً يعني الخروج على المعايير السائدة فبداية الإبداع استجابة غريزية للواقع ثم استجابة عقلية ،ثم مزاوجة بينهما- استجابة العقل والعاطفة وفي آن واحد وإذا تأملنا الجوانب العبقرية في أعمال مثل الإلياذة أو ملحمة جلجامش نجد أن أوضح دليل على فرادتها هو مزاوجتها بين الاستجابة الفكرية وحدها قد تفسد الأدب وتفسد الحلم في ذهن الشاعر ).
حسن اللوزي : (طلب النموذج من يحكم على النص؟ كاتب النص طفل دائم التساؤل، يعتبر النص هذياناً وفي سلوكه الشخصي "قاسم حداد" حكم على النص بقوانين لا عقلية وهو يريد أن ينفي هذه الثوابت ،كل قصيدة من سطرين قابلة لتكون قصيدة أكبر لان المتلقي يركض معه. فالمتلقي، أيضاً يرى النص وإلغاء المتلقي فردية متناهية..).
عبد الرحمن فخري : (الأزمة أزمة إبداع شاملة في احتجاج ..كيف يمكن أن تكون الكتابة- يمكن أن تبدأ من الصفر .. يريدون المغايرة والبدء من لا شيء .. لغة الكتب نتلمس هذه المشكلة والغموض سر الإبداع ..الشكل دائماً يجب أن يكون جديداً ولا ينبغي تفسير ما لا يفسر- والبيان على مستوى الكتابة دعوة الى الجديد وهو صرخة احتجاج متأخرة في عالمنا العربي .. هذه الدعوات الجامدة قد استصرخت هؤلاء الشبان فهم دعاة حرية للكتابة ، وقد وجدت لها نماذج في السريالية- اللامسرح - الرسم الشاعر فيما مضى يراعي الشرعية التي يعبر عنها .. فيتصالح بالضرورة مع آنية مطالبها فيفسد المضمون ويفسد الشكل والالتزام في الإبداع هو التصالح مع الواقع خوفاً من التصادم مع العقائد ..أما في بلاد الغرب فلا توجد مواجهة مع الاعتقاد ..وبسبب حرية الاعتقاد في أوروبا نشأت عشرات المدارس هنالك ، وهذا البيان جاء تحدياً ومعياراً جديداً للبناء والهدم فما أن يتحقق منطقاً حتى يهدم ويبدأ منطق جديد .
عبد الصمد القليسي : (القياس يجب أن يكون له وجه شبه ، فالكلام عن اليونان عند بداية تكوين العقل البشري ليس له علاقة بحالتنا الراهنة فالموضوعية لا بد من مراعاتها كتسلسل المراحل التاريخية وتلك المراحل التي توازيها فكرياً وفنياً ..).
د.عبد العزيز المقالح : (المراحل هنالك منتظمة على عكس المجتمعات الأخرى حيث تتداخل الأزمنة الفنية والاجتماعية في كرنفال صارخ !!).
زين السقاف : (يحاول الخطاب التوجه إلى الجديد فهو يشيع جنازة ويدعو للتقحم إلى الإبداع والدعوة إلى الفوضى .. وهي أيضا دعوة للقوننة بطريقة أو بأخرى ..وهي دعوة لرفع القيود عن حرية الإبداع دون قيود ، رفض لتقييد كل شيء فلكي يبدع ويغير حياته فلابد من القضاء على البنية وتجاوزها إلى نطاق آخر ..).
عبد الله حسن العالم : (الدعوة جميلة وتتسم بالإبداع ، وترفض الشعارات ومعروف أن جوهر الإبداع هو الخلق وقد سبق البيان عدة دعوات بهذا الاتجاه ، فقد سبق المصريون الى ذلك ونجدها في كتابات أدونيس وعبدالرحمن فخري ..وأهمية البيان تتمثل في دعوته للتحرر من المقاييس الجامدة ..).
عبد الله قاضي : (سأل القاضي الأخ عبد الصمد كيف يلتقي البيان مع البنيويين ؟) .
عبد الصمد القليسي: )البنيوية أكثر من فرع ، ولديهم فكرة الكتابة من الصفر - أو الكتابة بلا وعي - وهي تدعو للتحرر من أي قيد عند الكتابة ، فالتداعيات هي التراث المحلي والإنساني ، وقد تكون بالنسبة لنا دعوة للكتابة الإبداعية غير المسبوقة بنموذج بعد استبطان كل تراثنا العربي الإسلامي القديم والحديث ، وهي لاتعني بحال البدء من درجة الجهل أو عدم المعرفة ، الآن وهي درجة الغليان في الكتابة الراهنة ).
عبد الرحمن فخري : (الكاتب ابن الواقع وهو غير متحرر كلية ، لكن الإبداع خيال منظم ،فأنت - كمبدع - تستحضر أزمنة وذكريات فهو ليس بغياب كلي ، فهو كما عرفه سعيد عقل "اللحظة السعيدة بين الوعي واللاوعي فالكاتب يحاول هتك كل الحجب ، هذه كلها تتجمع وحتى وأنت في هذه اللحظة تفرض عليك لنا معيناً من الإبداع ، وتتخذ شكلاً معيناً .. وحول تجربتي الشخصية أود التعقيب على الأستاذ حسن العالم عندما قال أنني سريالي الناجح هو غير المقلوب سلفاً ، وقد يضاهيه أن يقال عنه أنه سريالي لأنه لا يريد أن يوضح في قالب محدد وأنا أدعو هذا اللون بالواقعية والثاني قاص وروائي ،وأشار الدكتور المقالح ان قاسم بدأ كتابة شعره تحت شعار لمن نكتب ، فكأنه أحس بعدم صحة "الشعار " لمن نكتب .. فتحول ضد هذا الشعار .. فالمؤسسات الأدبية المعروفة تحاكم الأدب بمقاييس قديمة بحيث تفرض على المبدع ان يكون كما أراد له الآخرون ، وهنالك مؤسسات تمد الأدباء بالمال بحجة التضامن لتفرض عليهم مواقف لا يريدونها لأنه في النهاية لا بد وان يكون لهذا الدعم قصد ما ، وبديهي ان يكون للكتابة - أي كتابة - قصد معين - وهو مبرر إذا دفع بالحياة الى الأمام ..ابتهجت لهذه الكتابة لأنه لم يتمسك بالشواهد فهو بحث عن عصر جديد .. وهو إلقاء للأفكار القائمة فهو عمل منطقي .
د.عبد العزيز المقالح :( أريد التوضيح وهو ان البيان أستخدم الأسلوب الشعري ،وأستخدم بعض الكلمات في غير أماكنها المألوفة ،فكلمة هدم لا تعني الهدم للتراث ..بل تعني التجاوز حيث تجاوز
البيان نفسه وهو يلهو بكل شيء بما في ذلك الزمان والمكان ويجب مناقشته فقرة ،فقرة .
أحمد المعلمي :(يتساءل) عن اللعب بالزمان والمكان وكيف يمكن الكتابة خارجهما ؟
د.عبد العزيز المقالح : (يرد عليه) بأن المراد بالزمان والمكان الشيء الجامد والثابت والمحدد..).
عبداللطيف الربيع : (لا مكان للوسطية والتوفيقية فهي سبب الإحباط والقداسة المفرطة للنص بحيث لا نترك مساحة واسعة للذاكرة ومن هنا تأتي أهمية التجاوز وموقف المبدع لا يتسم بالقدسية للموروث الإبداعي وإنما بتحديه وكمثال على هذا استشهد بالنص الجديد عند

عبد العزيز المقالح : (الكتابة من الصفر لا تعني الكتابة من الفراغ وإلغاء التعبيرية ..)
د. عبد العزيز المقالح : (الواقعية التعبيرية لا يوجد فيها مجال للتقديس ، تقديس الأشكال التعبيرية ، وهي في ذات الوقت ترفض التجريدية بنفس القدر الذي .. .. ..
عبد الله القاضي : (الكاتبان حداد وصالح لهما تجارب أدبية ، فالأول شاعر ؟؟؟؟؟؟ الحاضر صياغة جديدة ، والمستقبل ليس نموذجاً جاهزاً لكي يكون المبدع كما يريد لا كما يراد له ).
حسن اللوزي : (لا نريد أن نخلط بين النص الإبداعي وبين النص الذي يستخدم اللغة والآن نحن بصدد النص الإبداعي ، ولا نستطيع أن نشطب نصوصاً جاءت في فترات سابقة ، فلكل عصر إبداعه ، وستظل تزحف على كل العصور ، ويجب أن يستفيد النص من الإبداعات السابقة ولا يمكن أن تتفلت من هذه القوانين .. وليس من حق أي فرد أو جماعة تتصور أن باستطاعتهم وضع تنظيرات معينة ونهائية .. وأنا مع الدكتور المقالح في وجوب أن يكون المبدع ملماً بالتراث الإنساني والوعي بهذا التراث ، لأنه ينتمي إلى هذا القطاع من المبدعين ، ولا يمكن أن يتصدى نجار لما يخالف مهنته ، ولا يتصور أن تكون هذه اللحظة من الانفعال صالحة لكل زمان ومكان ، النقطة الرئيسية إذا تمسكنا بهذا البيان فيمكن إلغاء أنفسنا وإلغاء كل ما كتبه الدكتور المقالح مثلاً ، وقد اتسم البيان بالتجريد للأدب ووظيفته المعينة وهو ما يتنافى مع الواقع .
عبدالصمد القليسي : (أنا مع البيان ضد تركيبة الأشياء الجاهزة ولكن هل أنا واثق أنني سأعيد ترتيب الواقع سليماً وبضمير سوي ، هنا الخطورة ، المبدع دائماً يرفض واقعه حتى في أكثر المجتمعات تقدماً وديمقراطية _ فما بالكم بمجتمعات ليس فيها شيء صحيح في الغالب ، فكيف سيعيد بناءها ؟ هنا السؤال ؟
عبد الرحمن فخري : (الإبداع عند ابن عربي لا تكثر من الملاحظة لكي لا تذهب بنور بصرك المقيد ، وهي من الآفات التي ورثناها من تراثنا القديم واللهو هنا لا يعني الفوضى وإنما يعني النظرة الجديدة للأشياء فهن تجديد ومتعة ..).
د. عبد العزيز المقالح : (أرجو أن يكون الأخ عبد الباري طاهر قد تمكن من التقاط أهم الآراء التي تم تداولها حول بيان الحداثة البحريني ولأنني لم أشارك في الحوار سوى بكلمات تعقيبية قصيرة ضاع معظمها في الاختزال فإنني أعطي تلخيص ما دار في هذا اللقاء لأن ما يتبقى منه للنشر يكفي للتلخيص .
أود في بداية هذا الختام أن أشير إلى أن الكتابة الإبداعية العربية في القرن العشرين قد ضاعت بين شعراء الأزهار والأشجار والنهود وعواطف الحب البلهاء من جهة وبين التعليقات والبيانات التي تعلن الغضب على السلطان وشعراء السلطان لأنها لم تجد طريقاً إلى السلطان ولا وجدت لها وظيفة ومهنة حقيرة في قصره الدافئ من جهة أخرى .
وقد لعب بعض " الجهابذة " من رواد نوادي التنظير دوراً في انتهاك حرية الإبداع من خلال سن القوانين والقواعد والخطب التي أدت في السنوات الأخيرة إلى قتل الإبداع وإلى تدمير وظيفة الآداب والفنون وهي وظيفة تغيير لا وظيفة تحريض .
وعلينا أن نكون حذرين في استخدام التعابير والمصطلحات . فليس هذا البيان - بحكم التطابقات القليلة - منسوخاً عن شيء قبله ولا هو بيان بنيوي ولا سريالي ، ولم يكن متأخراً ولا متقدماً ، إنه صرخة غاضبة صدرت عن اثنين من المبدعين العرب سبق لكل منهما أن عانى في مجال الإبداع كما عانى في مجال الحياة .. وهذا البيان قد تنقصه الدقة اللازمة والكياسة - كما أشار بعضهم صراحة أو مواربة إلى ذلك - ولكن هذا النقص هو ميزته ، فقد أثقلت المناهج الصارمة والبيانات الشديدة الدقة كواهل المبدعين ولم تنفع الدارسين .. وأهلاً باليأس الذي لا يثمر الأمل ..

 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى