أنتم تريدون"خلجنة" كل شئ
مجلة الحدث - الكويت
1998- سامي الفليح
مؤخرا صدرت السيرة الأدبية ليس بهذا الشكل ولا بشكل آخر وهي صهر لمجمل كتاباب وحوارات ومداخلات سابقة وسؤالي ينبع من مغريات السيرة بالنسبة لك، ولماذا الآن تحديدا ولماذا افتقر شكلها على ،الكتابي فقط، ولماذا لم تتخذ صيغة أكثر شمولا وسعة تستطيع استيعاب التجربة الإنسانية، ودعني أطرح الرواية كمثال؟
في كتاب ( ليس بهذا الشكل) سميت الفصل الذي يتصل بتجربة الكتابة ،سيرة النص وهذا يعني أنني عنيت بذلك الكلام محاولة إضاءة جوانب ذاتية في تجربة الكتابة فحسب، ولم يكن في واردي الكلام عن سيرة الشخص. ربما لأنني لم أشعر بعد باستعدادي للكلام عن السيرة الذاتية، حيث التجربة الإنسانية وتجلياتها. و إذا صادف أن بعض النصوص في الكتاب إتصلت بلحظات من تجربة الحياة، فإن ذلك لم يكن مقصودا بشكل مباشر فحتى الآن ما زلت أشعر بأن كتابتي عموما لابد لها من التعبير عن تجربتي ، وكلما كان هذا يحدث بصورة عفوية كان الأمر أكثر جمالا خصوصا وأنني ، حين أكتب ، لا أكاد أميز ( بشكل عقلاني ) ما إذا كنت أكتب شعرآ أو رواية أو سيرة أو غير ذلك من أشكال التعبير ولعلني أجد في هذا الأفق نوعا من الحرية قد لا أتمتع بها إذا ما وضعت أمامي مخططا محددا قبل الكتابة لئلا أشعر بأي قيود فنية تحدد مساري في النص. إلى ذلك كله، فإنني لم أفكر أبدآ في الذهاب إلى الرواية إن الأشياء تحدث لي بمحض المصادفات عندما أذهب إلى الكتابة. هذه هي سيرة النص إما (سيرة الشخص) كسيرة ذاتية، عليها أن تقترح شكلها ووقتها في مستقبل الأيام
عبر مجنون ليلى وقفت عند تلك السيرة الشخصية التاريخية ذات السطوة الأسطورية ترى أي أسئلة استوقفتك عندها، وكيف ترى مزامنتها لقرائة أدونيس ،أمس المكانوتتبع اللعبي لسيرة ابن رشد ؟
كتاب ،أخبار مجنون ليلىنص جاء على طريقته هو الآخر ولم تكن سيرة المجنون تعنيني إلا بالقدر الذي أتاحت لي التعبير عن تجربتي في رؤية أشياء الحياة والحب خصوصا وأسطورية الشخصية هناك منحتني حرية خلق إسطورتي الخاصة فأهمية التقاطع الروحي مع عناصر تراثية على هذه الشاكلة تكمن في قدرتنا على التعبير عن لحظتنا الراهنة وليس في الخضوع لمعطياتها القديمة الثابتة و المستقرة ومن المؤكد أن كل شاعر معاصر من حقه أن يرى إلى التراث بالطريقة والحساسية التي تصدرذاته لقد رأيت في تلك الأسطورة غير ما كانوا يقولون عنها
وجود صيغة إبداعية تشكلت عبر شبكة تواشجات تظافر خلالها البصري أداء تشكيل ديكور بالحسي شعر موسيقى غناء ماذا يعني لك المسرح، وكيف ترى التجربة مع زخم مبدعين ابراهيم بوسعد- خالد الشيخ - عبدالله يوسف - أدونيس ؟
لم يكن المسرح في برنامجي حين كتبت نصوص (وجوه) كنت أصدر من شهوة التجربة الإبداعية التي تتقاطع مع فنون مختلفة إنني مأخوذ بمثل هذه التجارب، حيث الإشتراك مع مبدعين مختلفي أشكال التعبير من شأنه أن يوسع الأفق الذي أذهب إليه وتحويل تلك التجربة إلى تجربة مسرحية كان اقتراحآ إضافيا من الصديق عبدالله يوسف الذي كان معنا منذ بدايات فكرة التجربة وحضور أدونيس معنا كان ذهابا مضاعفا لذلك الأفق. وظني أن المبدع يجد ذاته بوضوح أكثر مع مبدعين آخرين فلذة العمل الفني تبدو أكثر جمالا بالحضور الكثيف من الجنون الجميل لقد ذهبنا إلى تجربة لا تزال قادرة على إقتراح الأسئلة، وهذا يكفي ؟
يبدو أن المنطقة قد بدأت باستعادة دور تاريخي في حركة القصيدة العربية، إذ استطاع الشعراء الشباب في المملكة وعمان والإمارات تشكيل تكوينة شعرية وإندافاعة، حركت بوصلة المتلقي على غير مناطق كانت كفيلة بإنتاج الأصوات الشعرية إلى أي مدي نستطيع تعميم هذه الرؤية ؟
لم أكن طوال تجربتي في الكتابة أصدر عن مثل هذا الوهم ليس ثمة عقدة نقص أصدر عنها عندما أكتب النص إنني لا أرى أن ثمة مناطق يقتصر عليها الإبداع ليس في البلاد العربية فحسب ، ولكن في العالم أيضا لا أصدر ، حين أكتب، عن وهم جغرافي مثل هذا التقسيم الذي تشير إليه لا يعنيني أبدا ويتوجب أن نكف عن مثل هذه الأطروحات البائسة التي يكرسها منظور خاضع لمشاريع سياسية ليست فوق مستوى الشبهة المبدع أكبر منها و أكثر جمالا ورحابة مما تذهب إليه. وحين يبرز النص الأدبي في هذه المنطقة أو تلك فإن هذا لا يعود إلى أسباب أخرى، يجب أن يكون النص جديرآ بالحضور كإبداع، إما الحضور والتكريس الإعلامي الذي يمكن أن يحققه أي كان لأسباب ( مالية )، فهذا أمر لا يتصل بالأدب ولا بالأبداع الشباب الذين نقرأ لهم نصوصا جميلة في هذه المنطقة يمتلكون الموهبة قبل كل شيئ، وهذا هو المهم، وإذا صادف أنهم من السعودية أو عمان أو غيرهما ، فذلك بمحض الصدفة الإبداعية فحسب
بين التباس المصطلح وتطور المفهوم الشعري وأسانيده التنظيرية، كيف ترى قصيدة النثر؟
لم يعد مصطلح ، قصيدة النثر قادرآ على استعياب ما يحدث للكتابة. إضافة إلى أنه مصطلح خاطىء منذ البداية، فإنه الآن (بالنسبة لي) لا يعني شيئآ محددآ ولعلنا مطالبون دوما بالتوقف عن تداول مصطلحات خاطئة ، لئلا تؤدي بنا إلى نتائج خاطئة
كيف يمكن تفسير هذا الدخول إلى مناطق الذات الإنكفاء على ما هو خصوصي لدى المجتمع الخليجي، أستطيع طرح الشعر العامي وجماهيرية مطبوعاته كمثال وإلى أي مدى يمكن اعتبار ذلك إحلالا ثقافيا ؟
لسبب ما، أشعر بقلق كلما سمعت مصطلح (خليجي) هذاإنني لا أفهم من هذا المصطلح واستخداماته إلا قصورا عن فهم العصر بالمعنى الحضاري ثمة من يريد (خلجنة) كل شيء وعلينا أن نلاحظ هذا الأمر بانتباه شديد وبحذر يضاهي الشك في الأشياء من حولنا ثم أن ظاهرة الشعر العامي ليست جديدة إلا بالنسبة من يريدون توظيفها لتحقيق الإنكفاء الذي تشير إليه منذ أن وعينا كان الشعر العامي موجودا في الحياة و في الثقافة، ليس محليا فحسب ولكن على امتداد البلاد العربية إنه جزء من تكويننا الثقافي العربي بل أنه مصدر من مصادر الوعي الجمعي من الوجهة الإنسانية الجديد في الأمر أنهم الآن يحولونه إلى ظاهرة إعلامية ذات صبغة سياسية وإجتماعية سلبية لا تليق بنا كبشر يعيشون على أبواب القرن الواحد والعشرين لست ضد الشعر العامي، لكنني ضد تجييره لصالح منظورات متخلفة فالشعر ، مطلق الشعر، هو البعد الإنساني لحياتنا أيا كانت طريقته في التعبير ولعل في تجربة ابن لعبون ( لكي أذكر لك مثالا رهن التداول) الدليل الساطع على أن هذا الشاعر ، بالرغم من مصادره القبلية، إلا أنه كان يذهب إلى أبعد من الجغرافيه وأبعد من القبيلة، إنه كان يذهب باحثا عن حريته في الحياة والتعبير، على امتداد الأرض التي اقتسمها الآخرون وراحوا يضربون فيها الحدود والمصادرات حتى أنك الآن ، حين تحاول قراءة تجربة شاعر مثل ابن لعبون لن تجد الحرية الكافية للنظر إليه بوصفه مبدعا مضادا للمؤسسة، هذا الذي تتسابق الآن المؤسسات التي صادرته في حياته على إمتداد المنطقة، حتى يكاد الجوهر الإنساني للشاعر يضيع مرة أخرى، كما لو أنه تعرض للعسف أكثر من مرة
ماذا بشأنك .. ماذا تفكر ، ولأي شيئ تستعد ؟
إنني أستعد للكتابة ، كأنها المرة الأولى |