الـوصيـة- 2
كنت كئيبا
فخلعت بنفسج هذا الحزن لأغسله لكن الصدر الواسع ضيعني
كئيبا كنت
أود لو أن الرقص يخاصرني
فسألت النورس و البحار عن الرقص
و سألت الليل عن الفجر
و سألت الماء عن الألوان
سألت
سألت
سألت
فما جاوبني
فرأيت الرقص يغادرني
و الصدر الواسع يفهمني
أشتاق و شوقي يغلبني
و حديد القيد يداعبني
و دماء المذبوحين بجسر الشمس أكاتبها و تكاتبني
فلتعذر هذا الحزن الجارح يا وطن الماء الأزرق
يا وطني
فالحلم سلاح ألبسه
و الحزن وشاح يلبسني
فلتعذرني
فكئيبا كنت
و يقطر من كلماتي الأمل المشتاق
و كنت صديقا للعشاق
و كانت أحداق الوهم تراقبني
و كل قواقع هذا الليل الموحش ترصد أشعاري .. ترصدني
و هوىً في القلب يعذبني
لكن ..
من غير الصدر الواسع يفهمني
آه ..
فتنهد في قلبي ألم لا يقتلني
و تململ في صدري ماء تغرق فيه الأسماء
ففتحت له نافذة الحلم
و نافذة لحريق الماء
و اتسع الأفق
و ضجت أمواج الأزرق تغرقني
كئيبا كنت
فمن يعرف كيف يكون الطفل كئيبا
سآلت بكاء الأطفال لكي يقبلني
سآلت دموع الأمطار لكي تغسلني
و كنت غريبا .. كنت
و سآلت
و عذب عذب عذب
لو أن الصدر الواسع يسمع آخر أشعاري
و يعاتبني
ها أني أبحث عن لغة تستوعبني
أبحث عن ماء أحرقه
أبحث عن نار تطفئني
فأنا رمز
أدخل في تكوين الماء
أعرف كل جراح الماء و تعرفني
فالموت صديق أعرفه
و السجن صديق يجهلني .
أبحرت بأحلامي
و كنت كئيبا
لم تكن الريح مواتية
و الصدر الواسع ضيعني .
بكيت ، فقد كنت كئيبا
فاتسع الكون
اتسع ، اتسع ، اتسع الكون
و لامست حدود القلب
عرفت بأن الشمس قبيل الموت ترافقني
و سمعت العزف على قتلي ...من يقتلني
فالشمس صديقة أحزاني
اتسع الكون
و ضاقت كل لغات الحب بأحزاني
فأنا لغة ..
أحمل كل حنان النار
و أبحث عمن يقرأني . *
سجن معسكر سافرة - البحرين ديسمبر 1977 |