حتمالات المخاض
تلــد
تحرك أطرافها كالشمس التي أرهقتها الليالي
تخضّ الدماء النبية في وردة الفجر
لكن تلد
تلملم أحلامها من شظايا الشهيق البدائي
تبدأ في هسهسات الضحايا على البحر
لكن تلد
توزع أشلائها في القرى كالهدايا الطرية
لكن تلد
دعوها
ستعرف كيف تعالج أوجاعها
ستشرب من صبرها الدموي المعتق
تسقي العصافير
تسكر
يهصرها الانتظار الفدائي
لكن تلد
تغرق في وجل الاحتمال
يصير الجمال
و ينبثق اللون في وجنتيها
تمد يديها المضرجتين بماء الخيال
و يضطرب اللون في وجنتيها
فتبدو عليها
و لكن تلد
دعوها
ستأكل دبابة لحمها في الشوارع
تهتز أشجارها بغتة بالزنابق
يغرق في مشهد الدم
همّ الولادات
تختال آياتها بالحقائق
تسرج الخيل في الليل
تجتاز باب السماوات أخبارها
صعبة ، شهقة
نهضة الصبر في القبر
لكن تلد .
تلبس الفجر قمصانها السود
تخرج من كل ليل إلى الظل
تركض نحو الحدائق
جثة فسّخ الموت فيها
تلوح بالصبح كالدود
لكن تلد
توشح زك؛تافها بالتواشيح
مزدانة بالجراح الجميلة
تخرج من رحلة الاحتضار الطويلة
تصرخ في ذروة الطلق كالطلق
توشك
يعدل الكون ميزانه حين توشك
تقفز كل القلوب
لتحضر في عرسها الدموي القوي
تكاد .. و لكن تلد .
دعوها تشكل أطفالها لحظة
و امنحوها الدم المستباح
قبيل الصباح
ستفتح للماء باب السماء
لتغلق باب الدماء
و تكسر سفك السيوف
دعوها تطوف
تغني و تدفق نزفا عظيما ..
و لكن تلد
يحاصرها الوحش بالنعش
( سوف تموت ، و تحمل كذبا ..)
يحاربها بالحراب
يحرض أرض الضحايا
فتخضر أشجارها بالدماء
يحاصرها الوحش بالنعش
تهتز في رعشة كابتداء الخليقة
تجمع أطرافها في اتئاد
و تنفض أعطافها المتعبات
كأن الحياة
تــــلد .
* * * *
سيرسم ثقب الرصاصات في شرفة الصمت وقتا على كتفها
و يمشي العساكر بالنار في هتفها
فامنحوها يدا
دعوها تجوس الكهوف بأعصابها
دعوها تطوف القرى و المسافات
تجمع أشلائها من صدور العذارى اللواتي بكين من الحب
دعوها تلملم أحلامها من بكاء الثواكل
من كل خمر المنافي و حجر السجون
دعوها ، فان الجنون.
دعوها ترتب أشياءها عبر لهج الولادة
تمرغ تاج العبادات تلبس ثوب السيادة
دعوها .. دعوها سيرهقها الطلق
لكن تلد ، تلد ، تلد .
* * * *
أعدوا لها عرسها
و كونوا لها جوقة في الزفاف
و خلوا لها غرة الشمس طاقية
و العصافير أرجوحة و الهدايا هتاف
اغزلوا شالها لؤلؤا قزحياً
و حطوا سرير الضحايا ضفاف
إنها لا تخاف
ستعبر هذا العذاب البطوليّ
تعرف فيه عذوبتها
و تشكل فيه طفولتها
توشك
لكن تلد
* * * *
شاهدتها تغسل الضيم بالدم
تمسح الوهم بالحلم
شاهدتها ترتدي حلة الياسمين
تؤرخ . تحتل ذاكرة العصر
شاهدتها تحتفي بالبيارق
تعطي المطارق عنوانها
و تجمع جوع القرى و المدينة
و تحزم كل العيون الحزينة
تحرضها
تستعير لها شرفة و تقول : ( اصعدي ، و هاك يدي )
و شاهدتها مثل نار الرياح
توزع في غابة كالصباح
و تنشر أشلاءها في السهوب
تغني ، كأن الضحايا تجوب
تبشر باللون
تدفق أزياءها في الولادة
و تبدو كأن القلادة
تزين صدر الصهيل الذي
حين شاهدتها تحتفي بالسواد
كأن الحِداد طريق إلى الفجر
شاهدتها نجمة في القيامة
ستوصل نهر الدماء بنهر الغناء
و تغلق عصر الفتوحات ، تفتح باب الأبد
و تلبس غار . و لكن تلبد تلد تلد
* * * *
دعوها
دعوا لحظة الخلق فيه تؤج دعوها على شرفة الوهج ضوءا يلج
دعوا
لذة الطلق لهج
انظروها .. ستمشي على مهلها في الحريق
تؤرجح هودجها مثل نهد يراهق
يعرف أين الطريق
انظروا
متعة الخمر فيها
و فيها الفواكه ناضجة
و العذاب الذي يشبه الحب
و فيها ...انظروا
على مهلها سوف
لا تغفلوا عن هواها
توزع أقراطها في الهواء على الفقراء
و شاهدتها تتحول مثل الدماء
انظروا
إنها المهرة الجامحة
والرؤى الفاضحة
ضجة الدم في نبضها
إنها خفقة الاحتمال الجميل .
انظروا اللحظة الواضحة
تعدل هودجا و تهيم نحو السواحل
في لحظة البدء تبدأ
ها إنها الفاتحة
دعوها تلد
إنها زوجة البحر منذورة للسفر
و موشومة بالقهر
دعوها فان هدايا القمر
ستحمل في العرس شمسا
دعوها.
فقد عذبتها المواعيد عذبها الانتظار
دعوها فان النهار
سيغسل أطفالها بالمرايا
و يغمرها بالصور.*
سجن معسكر سافرة - البحرين 3 أبريل 1979 |