نقد الأمل

الطبعة الأولى 1995
دار الكنوز - بيروت
الغلاف طالب الداوود
عدد الصفحات 147
الطبعة الثانية ‏1998‏
دار الكنوز - بيروت
الغلاف عبد الله يوسف
عدد الصفحات 208

 

هو أن يغويك

و أن تعرف ذلك
و أن تذهب إليه
دم هاطل
يقض مضاجع أصحاب الغفلة
مثل كوكبة من المردة المتمرسين في خوزقة الأجساد
مبتهجة بلذة الحب
لكأن ما نذهب إليه في النص هو السبيل الوحيد لإنقاذنا من المديح السائد لشكل القتلى وهم يؤدون صلاتهم في قدسية
مثل شهيد يخشى فيما يموت
أن يخدش المشاعر ويفسد الشعائر إما العابر النبيل
فسوف يبرأ بنفسه من شراك لا تحصى
مزروعة له في المنعطفات
هو من سيخلع الأقفال
دون خشية من شرطة الطريق وسدنة القواميس ودهاقنة البلاغة
يفضح ألاعيب الحواة وخبث الثعالب
هو من لن يصد ق أن في المنعطف التالي ما يسعفه
من الخديعة التي يهن دسها له الخلد الأعظم.
العابر النبيل هو من يتصرف كما لو أن المكان بيته وأنه الساكن الوحيد
يقتحم الممرات ببسالة الفارس وتدله العاشق
وسرعان ما تصبح
الكتابة من بين أجمل أسلابه وذخائره في آن حين سألت الخلد الأعظم ذات صباح
وهو يلهو بتمزيق ما سهرنا علي سرقته من
محراب معبد ما
كيف تسنى لنا أن نفعل كل ذلك أخبرني بأننا كنا نؤدي الصلاة على طريقة لم يكتشفها الآخرون
وأن هذا لا يجوز فهو أقرب إلى الالحاد
الملحدون لا صلاة لهم
وإذا فعلوا لا تقبل صلاتهم وهذا ما يعوز العابر النبيل

النص
هو أن يغويك
وأن تعرف ذلك
وأن تذهب إليه

مثل شخص استحوذت عليه جنية مشبوقة
راحت تجوب به ليل الأقاصي
تصطفق أظلاعه بكائنات غير مرئية
يهترئ حذاؤه لضراوة التخوم التي يجتازها والجنية تمسك بيده وتركض بأنفاس لاهثة كأنها تأخذه إلى مكان أضاعت الطريق إليه. برزخ بين الغيم والغابة ودرب المجراب
تسر له الجنية بكلام غير مفهوم مثل همهمة الجنين
وهو يجمع خلفها الدلالات الغامضة يكنزهافي جيب قميصه المهلهل
ويندفعان معا في هذيان المحموم وتهد ج المشبوق
وما إن تصل به إلى الطرف الآخر من الغابة
حتى يتكش ف لهما شبح كوخ موشك على النار لفرط الشهوة
فتهتف الجنية ملتذ ة كمن وجد ضال ته في ذروة الشهيق هذا هو
تنهر الشخص لئلا يستعيد أنفاسه
تجر ه بغتة فيقفز وراءها في بهجة المذعور مندفعة به إلى الداخل
حيث يريان على أرض الكوخ كتابا هائلا مهيب الهالة مفتوح على آخره
يغمر أرض الكوخ كلها
تقف الجنية متشبثة بكف الشخص وهو يشهق بين تهد ج بلا صلاة وغبطة من غير فرح
الجنية تحد ق في صفحة الكتاب المفتوح المغمور بغبار يميل إلى صفرة داكنة تلمع مثل ذهب قديم
تلتفت إلى عيني تابعها
هذا هو لكنه لا يجد ما يقول
فالذهول قد وصل إليه
لفرط الطريق والطريقة
بحيث لم تعد الكلمات تسعفه
.. تريد أن تقرأ
إقرأ
..هذا هو نصك
المكتوب لك.. أنت
خصوصا صار كمن نسي عادة الكلام
لم يعد يدرك ما هي اللغة هذا الكتاب لك
إنه كتابك
تعال
هات يديك وادخل معي التجربة
انها رحبة كما ترى
ستسعنا كلينا
عليك أن تفعل ذلك بنفسك وما إن يضع نفسه في الكتاب حتى يفقد الأثر
كأنه الشخص المفقود
يتقدم بجانب الجنية كأنه ينزل على درج
تتراءى له الأشياء في غير أشكالها
في حالات وصور غير ثابتة ولا معروفة
تتحول في ذات اللحظة التي ينقل فيها نظره عنها
ومنذ الخطوات الأولى بدأ يشعر بسريان عذوبة غامضة في أوصاله
وعندما التفت خلسة إلى الجنية
رآها صبية ملائكية الملامح شفافة التقاطيع
ترتدي وشاحا يكاد
لشدة بياضه الثلجي
يشف عن جسد فتي
وكانت التفاتة واحدة كفيلة لأن تنزل الأمان في روحه
إذا بكفه تضغط بالحنان على كف ها
تلتفت إليه مبتسمة
أنظر
هل رأيت مثل هذا من قبل أدرك أنها لم تكن تسأل
واندفع معها على درج يتضاعف ويزداد اتساعا كلما توغل في الهبوط
والأشياء تتحرك من حولهما مثل ندف الثلج الخفيف
يلامسها النظر فتبدأ في التحول لم يعد يقوى على التمييز بين ما تلهمه المخيلة وما يجسه البصر أشياء غريبة وغامضة
لكنها جميلة وفاتنة
شديدة الرواء
فياضة المعنى عامرة بالحنان
تتغلغل في مسام الروح
وتبعث على شعور بإكتمال اللحظة واكتفاء الانسان بذاته
تنتشله همسة الصبي ة التي من الملاك هل قرأت مثل هذا قبل الآن
إلتفت إلي الخلد الأعظم
مثل ناسك فرغ من صلاته توا وطفق يطوي كلمته الأخيرة

النص
هو أن يغويك
وأن تعرف ذلك
وأن تذهب إليه


 
 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى